من أبرز ما يمكن أن يحيي عظام القنوات الفضائية الرسمية في الخليج العربي وهي رميم، إنشاء برامج محلية تعنى بالمواطن الخليجي وتعالج قضاياه وهمومه، وما دون ذلك، ستظل تلك الفضائيات الخليجية عبارة عن رقم هامشي في عالم الشاشة الفضية، خصوصاً مع التطور الهائل التي تنتهجه الكثير من الفضائيات العربية الخاصة.
لو تحدثنا عن البحرين، وعن تلفزيون البحرين تحديداً، فإنه يعتبر أكثر الفضائيات الخليجية التي تحتاج إلى تطوير مستمر، ومواكبة هموم الشارع البحريني، لأن الواقع يشي بأمر مر للغاية، وهو هروب التلفزيون المحلي عن كل ما هو محلي، أو في أحسن الأحوال، يظل التلفزيون البحريني الرسمي يمارس النقد والمعالجة على استحياء شديد للغاية، ولهذا السبب بدأ المواطن بالابتعاد عن مشاهدة «قناة العائلة» كما يطلقون عليها! ما دفعنا للحديث عن هذا الموضوع، هو أن هنالك بعض القنوات الخاصة - وليست الرسمية بطبيعة الحال - بدأت بخلق برامج محلية هادفة، تعالج الكثير من القضايا المحلية بطريقة رائدة وصريحة وبناءة، وربما في كثير من الأحايين بدأت نتائج تلكم البرامج تؤتي أكلها بطريقة تبعث على الراحة والاطمئنان بالنسبة للمشاهد الخليجي.
لماذا لا يتقدم تلفزيون البحرين خطوة إلى الأمام لمعالجة القضايا المحلية، وتبني الملفات الساخنة «وما أكثرها»، التي هي في الحقيقة وجع المواطنين وشغلهم الشاغل، كقضايا التعليم والصحة والإسكان والخدمات وغيرها من الملفات التي تحتاج إلى معالجة ومتابعة يومية؟
في السعودية، وفي قنوات غير رسمية، وعبر فضائيات خاصة، وجدنا أن هنالك بعض البرامج التي بدأت بمعالجة الكثير من القضايا التي تخص الشأن السعودي بطريقة راقية وجريئة ومحببة، بل استطاعت هذه البرامج الحوارية الصريحة من محاسبة كل المسؤولين على الهواء مباشرة، فكانت تمثل استجواباً صريحاً للوزراء ولكل وزارة الدولة في المملكة العربية السعودية.
لعل من أهم تلك البرامج الهادفة التي تناولنها قبل قليل، برنامج «الثامنة»، وبرنامج «بدون شك»، وكذلك برنامج «يا هلا»، هذه النماذج التي عنيت بهموم الإنسان السعودي، يمكن أن يقوم تلفزيون البحرين الرسمي بمجاراتها والاستفادة من تجربتها، ليوظفها في النهاية بطريقة لائقة تعنــى بالشأن المحلي فــــي البحريـــن، ولربما تنفع أحياناً حتى من أكثر جلسات المجلس النيابي سخونة وحرارة، في طرح القضايا الداخلية ومعالجتها.
نتمنــى مــن تلفزيـــون البحريـــن حتـــى يفيــق من موته السريري، أن يتبنى بعض البرامج الخاصة، والتي تعنى بهمومنا ومشاكلنا وقضايانا، وما أكثرها من هموم ومشاكل وقضايا، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو حتى السياسي، فمن المعيب جداً، أن تعالج التلفزيونات الخاصة قضايا الإنسان الخليجي، بينما التلفزيون الرسمي في الخليج العربي غارق في النوم، أو في غيبوبته التي لا نعلم متى سيصحو منها!
ليس عيباً أن نقلد أو نحاكي برنامجاً مهماً وشيقاً، كبرنامج «بدون شك»، بل العيب أن نكابر فندعي أننا صرفنا الملايين على «الفاضي» وعلى تلفزيوننا الذي لا يشاهده المواطن المحلي، فهل سيشاهده الإنسان العربي؟ فضلاً عن الأجنبي؟