تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي حيث أصبح اليمن على مفترق طرق، وكل ذلك خلال أيام فقط سقطت فيها العاصمة صنعاء بأيدي الحوثيين، الأمر الذي يدعو للغرابة ويوحي أن هناك شيئاً ما كان قد دبر بليل بين أطراف اللعبة السياسية حتى تسير الأحداث بهذه الوتيرة لينتهي المشهد ويسدل الستار لما يسميه اليمنيون مسرحية تم حبكها بإتقان لها ممثليها ومخرجها، إلا أن الخاسر الوحيد من كل ما حدث هو الشعب اليمني بجميع مكوناته.
اليمن وبعد ما وصفه عبدالملك الحوثي في خطابه أن «الثورة الشعبية انتصرت»، نتساءل على من انتصر بثورته التي اتخذت الطائفية عنواناً لمرحلتها القادمة متناسياً أن الشعب اليمني عصي على أن يتم التنكيل به كما في العراق، فالشعب بأكمله مسلح ويمتلك من السلاح الخفيف والمتوسط، وبالتالي على الحوثي أن لا يتهور ويحاول العبث أكثر مما فعل في صنعاء وأن يعمل على تحكيم العقل والعمل بالشراكة مع أبناء الوطن الواحد وأن لا يقصي أحداً وتغليب المصلحة الوطنية حتى لا تنزلق اليمن إلى حرب أهلية قد لا تنتهي إذا ما اندلعت شراراتها.
حقيقة أنا من الذين انصدموا مما جرى في اليمن من تسليم قوات الجيش لمواقعها ولمؤسسات الدولة بكل سهولة للحوثيين، هل يعني ذلك أن هناك مؤامرة وتفاهمات من الجنرالات لهذا السيناريو الذي سلم اليمن على طبق من ذهب للحوثيين وسط صمت خليجي عربي بل وحتى دولي، فلم نر أي دولة حذرت أو أغلقت سفاراتها أو دعت رعاياها بمغادرة صنعاء بسبب الظروف الأمنية في العاصمة، ماذا حدث؟ لا نعلم ما حصل حتى اللحظة، هل كل ذلك كان بسبب القضاء على الإخوان المسلمين على يد جماعة الحوثي باعتبارهم جماعة إرهابية، إذا ما كان هذا السبب وراء كل ما حدث فالمفترض أن لا يتم الاستعانة بالحوثيين وما يحملونه من مخطط للاستيلاء على البلاد وفق أوامر إيرانية وهذا ينذر بأن اليمن أصبحت بيد إيران كما العراق وسوريا ولبنان.
ومن هنا يجب على دول مجلس التعاون وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وهي الجارة الكبرى لليمن أن تعي أن خطر الحوثيين سيصل إلى دول الخليج وبالتالي كان الأولى الوقوف مع اليمن ضد التمرد الحوثي وليس السكوت والمتفرج على ما يحدث في جنوب شبه الجزيرة العربية، في حين نرى استنفار لدول المجلس بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الغربية لضرب «داعش» التي لا نقلل من خطرها على المنطقة إلا أن الحوثيين وما يحملونه من فكر هو أخطر على دول الخليج ومن الآن عليها أن تحذر من التمدد الشيعي في دولها وهي ليست ببعيدة فالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وكذلك البحرين تشهد احتجاجات بل ومطالب بإسقاط النظام وما حدث في اليمن سيشجع هؤلاء على التمرد ضد الدولة.
الجميع يضع يده على قلبه مما جرى في اليمن الذي يقف على عتبة ومرحلة تاريخية حساسة فكل السيناريوهات مطروحة فقد يعيد الحوثيون الملكية لليمن كما كانت الإمامية التي عانى منها اليمنيون أو أن يتم استنساخ التجربة اللبنانية ليكون الحوثي هو نصر الله ويمتلك القوة العسكرية وبالتالي يتعمد أن تكون الدولة رخوة وضعيفة لا يستطيع حتى الجيش أن يصل إلى قوات هذه الميليشات التي تريد قيادة الدولة في اليمن، فيما يطرح آخرون أن يتم تحويل البلاد إلى دولة دينية يكون فيها المرشد هو المتحكم فيها كما هو الحال في إيران وبالتالي سيكون القرار بيد المرشد كما هو خامنئي، كل التوقعات والتكهنات لليمن مفتوحة ليس لشيء سوى الخوف عليها من أن تخرج من البيت العربي لتدخل في فلك إيران وملالي قم كما العراق اليوم.
همسة:
للأسف أن تكون المصالح قد تلاقت على حساب الشعب اليمني وتم التخاذل من أجل إزاحة خطر بخطر أكبر منه على العقيدة في المقام الأول قبل كل شيء!