الضربة الأمريكية لداعش، هي، وإن كانت ضربة لبعض من جيوب الإرهابيين في الدول العربية، إلا أن الأسئلة العائمة والحائرة، هي التي تفرض تغيير الفكرة والموقف فيما يخص حقيقة هذا الأمر، فالسؤال المهم هو، من سيدفع فاتورة هذه الحرب المكلفة؟ ومن الذي صنع داعش أصلاً؟
بما أنك تتسوق في السوق الأمريكية العسكرية، فإنك تتسوق في أغلى المجمعات العسكرية التجارية، فكل البضائع والقنابل والطائرات والطلعات والصواريخ الأمريكية أصبحت باهظة الثمن، لكنك في نهاية المطاف بين كماشتين، إما أن تدفع «كاش» لتستلم بضاعتك المُزْجَاة، أو أن تأكلك داعش التي هي في الإعلام الأمريكي تعادل أقوى قوة عسكرية ونووية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي!
إن استجابة الدول العربية للقرار الأمريكي وعلى الرغم من خطورة داعش، إلا أن تمويلها للحملة الأمريكية بالمال والرجال لضربة منظمة إرهابية، يعتبر أمراً غير منطقي على الإطلاق، إذا كان بالإمكان أحسن مما كان، حيث يمكن للدول العربية إقامة تحالف عربي عربي للقضاء على داعش، من دون كل هذا الصخب والجلبة الأمريكية المفتعلة.
إن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبعض المتحالفين الأوروبيين على عدم إرسال جنود بريين لمحاربة داعش في كل من العراق وسوريا وبعض الدول العربية، يعني بالمقابل أن ترسل تلك الدول وبعض الجيوش العربية الكثير من جنودها على خط النار، ليكون المطلوب من أمريكا فقط، هو بيعها السلاح ودفع فواتير الطلعات الجوية من خزائن الدول العربية.
يتفق الجميع على أن داعش تعتبر صناعة أمريكية بحتة، فهي بمثابة الربوت المفخخ والمصنَّع أمريكياً، ليكون المشهد كالتالي، تدفع الدول العربية مبلغ تفخيخ هذا الربوت بالإضافة إلى مبلغ تصنيعه ومبلغ تفكيكه بعد ذلك، ومن ثم شراءه كسكراب، بمعنى، لابد من صناعة مجاميع إرهابية من كل الدول العربية والأجنبية، ونشرها في دولنا وعلى حدودنا، ومن ثم تخويفنا بها، وفي الأخير، يتم ابتزازنا من خلالها بطريقة رخيصة.
إن اللوم كل اللوم يقع على العرب أنفسهم، ويقع على بعض الجهات الدينية والسياسية التي ساهمت بشكل أو بآخر في صناعة الخرافة الداعشية، وتحريض أبناء الدول العربية، وعلى وجه التحديد الدول الخليجية، بالزج بأبنائنا في معارك خطيرة ومميتة.
حرام علينا أن نقبل أو نتقبل، أن يقوم شيخ دين «مهبول» بإغراء صغارنا وشبابنا للذهاب في معارك جهادية ليكونوا حطباً لنار هذه الحرب القائمة، وبالتالي، يموت أبناؤنا ونحن من يقوم بقتلهم بإرادتنا واختيارنا وبأموالنا.
لمنع هذه الفتنة القاتلة، يجب أن تمنع الدول العربية كل شيوخ الدين المتطرفين من اختطاف شبابنا من جامعاتهم ومدارسهم ومكاتبهم، والزَّج بهم في أتون معارك خاطئة، لا تقودهم إلى بناء الدنيا ولا إلى جنة النعيم، نعم، إنه الخسران المبين.