مع قرب الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين، يكون من المؤكد دخول مجموعة من الوجوه الجديدة الراغبة في الترشح لسباق هذه الانتخابات، ومن المؤكد أيضاً أن تكون تلك الوجوه خليطاً بين الصالح والطالح، وبين الواعي والجاهل، وبين المخلص و«الملوص».
بما أنه لا يوجد شرط أساسي في طبيعة شخصية المترشح، حينها يكون من حق كل مواطن أن يخوض غمار هذه المعركة، ومن هنا أيضاً سنجد الكثير من الأشخاص غير المؤهلين على الإطلاق سيدخلون للترشح للمجلسين، النيابي والبلدي، ومع فتح الخيام الدعائية والترويجية للمترشحين، ومع أول تصريح إعلامي لهؤلاء، نستطيع معرفة الجيد منهم والرديء كذلك.
حتى قبل كل ذلك أيضاً، ومن هذا اليوم، بدأنا نعرف ونقرأ شخصيات بعض المترشحين من خلال حديثهم للإعلام أو الصحافة، إذ إن الكثير منهم لا يجيدون حتى الكلام ولا يعرفون في أمور المجلس أو حتى في قوانينه أي شيء له علاقة بالبرلمان، وهذا الأمر يثير الكثير من علامات الاستفهام حول نوايا هؤلاء المترشحين الذين لا يعرفون كيف يتحدثون، فكيف لهم غداً أن يشرعوا؟!
الأدهى والأمر في مسألة الترشح الحاصلة في البحرين، هو تقمص بعض المترشحين لشخصيات دينية بطريقة مفاجئة، إذ بين عشية وضحاها، بدأ بعضهم بإطلاق اللحية ومواظبتهم على حضور المساجد وصلاة الجمعة، وبعضهم بدأ يتحدث في الدين ويفتي في الجماهير بطريقة تبعث على الاشمئزاز، وكأن المنصب الذي يسعى إليه هو إمام مسجد وليس نائباً في البرلمان!
إن الناس اليوم أصبحوا أكثر وعياً من ذي قبل، بل إن غالبية المواطنين بدأوا يتحسسون من دخول المتدينين إلى المجلس، والكثير منهم لم يعد يثق بالجمعيات السياسية الدينية، فالتجارب الماضية أعطت الجميع درساً قوياً في أن يبتعدوا ويفصلوا بين، ما هو سياسي وما هو ديني، فالمجلس النيابي يجب أن يدخله الشخص المشرع والمتمكن من فهم التشريعات والقوانين وامتلاكه مقدرة ومتابعة كافة الأدوات الرقابة، كما يجب أن يكون المترشح البلدي ملما بكافة أدوات الخدمات المقدمة للجمهور، وكيفية الارتقاء بالمناطق عبر تقديم خدمات مميزة، أما حين يقوم بعضهم بتقمص دور الزاهد الناسك المتعبد، فإن مكانه الطبيعي سيكون المسجد وليس المجلس.
في الوقت الذي نطالب فيه الجمهور، الحذر من مكائد هؤلاء المترشحين الطارئين على الواقع البحريني، نطالب كذلك كل من ينوي الترشح للانتخابات القادمة أن يترشح وهو قادر على أن يقدم لهذا الوطن بعض الخدمات والتشريعات التي ترتقي بالوطن والمواطنين للأفضل، أما الدخول باسم الدين لأجل منصب شرفي أو مجتمعي مرموق، فهذا الأمر يعتبر جريمة في حق المجتمع، وتزوير لإرادة البسطاء من الناس.