جمعيات التيار التنويري التقدمي بلعت ريقها حين تقاربت الدوائر في الأعداد أي حين تم تلبية وجه اعتراضها على الفوارق العددية بين الدوائر، وأسقط في يدها فحجتها انتفت حول هذا الموضوع لكنها تبحث عن مبرر لرفض التعديل التزاماً منها بالبقاء في خندق واحد مع حليفتها الرافضة للتسوية، وليتها صمتت واتخذت موقف المقاطع، أما أن يصل حد التزامها بالتحالف على حساب مبادئها بهذا الشكل المعلن فنحن نتفرج على فصل هزلي من فصول السقوط.
فحين كنا نقول إن التوزيع السابق به توازن طائفي يردون كمن يتخبطه الشيطان، «طائفي»؟ (يع) نحن لا يهمنا المذهب ولا نرى البحرينيين إلا مواطنين لا فرق بينهم, طيب يا جماعة شئنا أم أبينا هناك واقع و... لا .. لا أنتم الموالون كتاب السلطة من خلق هذا الواقع.. نحن لا نريد أن نسمع كلمة طوائف إنها كلمة (سوفاج) لم تخلقها إلا السلطة... على راحتك إن كنت تريد أن تدفن رأسك كالنعامة.
اليوم أصبحت الدوائر متقاربة عددياً بين مواطنين لم يذكر أحد من السلطة (طاري) الطوائف، ويفترض أن ينتفي اعتراض هذا التيار التقدمي، فالمواطنون واحد والدوائر متقاربة وصوت لكل مواطن أصبح قاب قوسين أو أدنى، من حسب المواطنين إذا حسبة طائفية؟
إنهم هم ذاتهم الذين كانوا يعدون لفظ «طائفة» لفظاً مثيراً للاشمئزاز، فأعلنوا أنهم يرفضون التعديل الجديد للدوائر للأسباب التالية أولاً: لم تستشيرونا، ثانياً: لم تقر عبر السلطة التشريعية (يا عيني على المتمسك بالسلطة التشريعية) ثالثاً: وهو المأخذ الأكبر -حسب تعبيرهم- أن هذا التعديل كرس التقسيم الطائفي!! نعم؟... لحظة.. لحظة.. هل عندنا تقسيم طائفي حتى يكرس؟ ألسنا كلنا بحرينيون لا فرق بيننا؟ أليس النائب ممثلاً لنا كلنا؟ أليست التفرقة الطائفية من صنع النظام؟ ما بالكم تحسبونها كم شيعي كم سني الآن؟
دع عنك ما صرحت به الوفاق على توزيع الدوائر فهي منذ تأسست قامت على قسمة طائفية بلا مواربة، بل قسمة حزبية صرفة لا لبس فيها ولا تلوين، فهي منذ تأسست لا تحسب الدوائر كم شيعي كم سني، بل تحسبها كم وفاقي وكم غير وفاقي، وغير الوفاقي قد يكون شيعياً إخبارياً من جماعة المدني مثلاً أو قد يكون شيرازياً، فجميع هؤلاء شيعة لكنهم غير محسوبين ضمن سلطة القرار الوفاقي الذي يتطلب مقاعد في السلطة التشريعية وحقائب في السلطة التنفيذية، وبالتالي هؤلاء الشيعة المختلفين معها عقائدياً دينياً طائفياً لا يمكن أن يكونوا محسوبين ضمن قوائمها الانتخابية التي هي حكراً على من يدين بالطاعة لعيسى قاسم فحسب، وحتى ضمن هؤلاء الموالين لعيسى قاسم من يلمح منهم ببوادر اعتراض أو تشكيك أو إبداء رأي مخالف ينفي فوراً من دائرة صنع القرار، فما بالك بمن يسمى بالحلفاء من اليسار، هؤلاء في الدرك الأسفل من القرار، ولطالما بصقت الوفاق في وجه حلفائها في دورتين انتخابيتين لكن حلفاءها يصرون أن بصقتها ماء ورد ويعودون للتحالف معها دون أن يتعلموا الدرس.
لذا دع عنك اعتراض الوفاق على توزيع الدوائر، لأنه وفقاً لحسبتها قلص التعديل وبعد أن استلقى أمين عام الوفاق على بطنه وحسبها حسبة وفاقية طائفية حزبية ضيقة وجد أن مناطق نفوذهم السابقة تم دمجها بمناطق نفوذ مستقلين سنة ومستقلين شيعة وشيرازيين، صحيح في النهاية تساوت الدوائر، إنما تقلصت فرص الوفاق (يخرب بيت اللي وزع)!!
الوفاق صريحة قالتها في (الوجه) الدوائر الوفاقية 16، وها هي البصقة رقم 3 التي أخرجت الحلفاء من الباب الشرقي للحسبة الانتخابية، حدث ذلك حتى بعد أن خلعت وعد كل ملابسها وحسبت الدوائر إكراماً للوفاق بكم سني وبكم شيعي (اللهم لا شماتة)!!