بعض الناخبين يريد من النائب أن يكون حلال مشاكل، يوظف العاطلين ويعالج مشكلة فواتير الكهرباء التي لم تسدد، يقف على الشوارع التي فاضت بسبب الأمطار وشبكات الصرف الصحي، يقدمون له معاملاتهم العالقة في الدوائر الحكومية لينجزها، حتى أصبح ذلك عرفاً في أغلب الدول العربية وأصبح مكتب النائب مجرد مكتب تخليص المعاملات، في المقابل استسهل كثير من النواب هذه المهمات التي ليست من اختصاصهم لأنهم غير قادرين على القيام بأعباء وظيفة النائب الحقيقية فوجدوا في هذه الطلبات فرصة لتحقيق شيء، فتجدهم في مكاتب الوزراء أكثر ما تجدهم في مكاتبهم في البرلمان، فأنى لهم مراقبة الوزير ومحاسبته.
اختصاصات البرلمان لا تتحمل وعوداً خيالية وبرامج غير قابلة للتحقيق يطلقها المرشح، فهو مؤسسة تشريعية رقابية مهمتها تشريع القوانين والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وما ينتظره الناخب من النائب يجب أن يبقى ضمن هذا الإطار وبدلاً من مطالبته تعيين العاطلين عن العمل يجب مطالبته بسن قوانين من شأنها القضاء على البطالة، وبدلاً من تقديم معاملاتهم له ليخلصها عليهم سؤاله عن الإجراءات التي اتخذها للحد من الفساد الإداري، في أمريكا مثلاً عندما ينتخب النائب يحزم حقائبه ويترك ولايته إلى واشنطن، أربع سنوات لا يرونه إلا في الحملة الانتخابية القادمة وخلال هذه المدة يرسل لهم باستمرار ويعلمهم بالقوانين التي صوت لها أو رفضها والتي تصب في مصالحهم، أما في بلداننا لم نسأل النائب كيف ستحافظ على مصالحنا من خلال الرقابة المالية والإدارية التي يشترك فيها مع السلطة التنفيذية ولم نسأله عن القوانين والتشريعات التي يعتزم طرحها.
يرافق كل ذلك مجموعة من المفاهيم الخاطئة التي تكونت لدينا عن النائب ولعل أهمها طريقة استجوابه للوزراء فالنائب الجيد هو ذاك الذي يستجوب الوزراء بطريقة استعراضية تمثيلية ولا يهم نتيجة الاستجواب، وألا يدوم طويلاً في البرلمان حتى وإن أدى ذلك إلى تراكم خبرات تصب في مصلحة الناخب، وحتى تكتمل الصورة يجب عليه الحصول على شهادة عليا.
لكل إنسان إرادة يستطيع التعبير عنها من خلال الانتخابات، وحتى يعبر بشكل صحيح عليه أن يعرف أولاً مهمة النائب وواجباته التي تنحصر بمجالين فقط فيختار من يجد فيه القدرة على أدائها، يصوت له ولا يتكل عليه في إنجاز أعمال لا تتعلق بهما.