بعد دقائق من إعلان النائب أحمد الساعاتي ومجموعة من المواطنين من مختلف شرائح المجتمع تأسيس جمعية سياسية، بدأ الذراع الإلكتروني لجمعية الوفاق «مرآة البحرين» هجومه بغية إفشال هذا المشروع الوطني الذي يؤمل أن يضيف جديداً ويصنع مفيداً يكون الرابح فيه الوطن والمواطن. هجوم أوصل رسالة لم ينتبه لها منفذوه ملخصها (إنكم يا من تقفون وراء الجمعية الجديدة «خربطتم حساباتنا» وأربكتمونا ووجودكم يؤذينا لأن المواطن سيضطر الآن إلى مقارنة ما يصله منا من أقوال بما يراه منكم من أفعال، وقد يرتد! فنخسر الشارع ويضيع جهدنا).
لا مبرر للهجوم الذي تعرضت له جمعية الوطن السياسية التي أعلن عن البدء في تأسيسها الأسبوع الماضي سوى أنها بالفعل تشكل خطراً على بعض الجمعيات، وجمعية الوفاق بشكل خاص، وإلا لما أوعزت لذراعها الإلكتروني بالهجوم عليها وعلى النائب الساعاتي الذي ظهر في الصورة كمؤسس للجمعية، حتى أنها لم تتأخر عن التعرض لشخصه والتجاوز بنعته بأبشع النعوت والتقليل من قيمة كل ما قام ويقوم به من أعمال وطنية ومجتمعية.
ما فهمته من الموقف السالب من تأسيس جمعية سياسية جديدة هو أنه كان على الساعاتي ومن معه أن يحصلوا أولاً على مباركة الوفاق ورضاها وإذنها كي يأمنوا شرها، وأنه طالما أنهم ارتكبوا هذه المخالفة الشنيعة لذا فإن عليهم أن يتحملوا «تلايا» فعلتهم!
مشكلة الوفاق أنها تعتقد أنها هي فقط الصح والآخرون جميعهم الخطأ، وأنها هي فقط من يحق لها أن تقود الشارع وتحركه وأنها الوحيدة التي تمتلك الحقيقة وبيدها مفتاح الجنة، لذا فإنها لا تتصور أبداً أن تبرز في مقابلها جمعية سياسية تتسبب في إحراجها وتتيح لمن لم يجد منها ما يفرح فرصة الإفلات منها وتبين السبيل الموصل إلى خدمة الوطن والمجتمع، خصوصاً وأن ما طرحته الجمعية الجديدة من أفكار تشجع الكثيرين، وخصوصاً الشباب، على العمل معها لأن برنامجها يعود نفعه عليهم مباشرة.
ولأن أسهل التهم هي القول إن الجمعية الجديدة مولود النظام؛ لذا سارع المتوقع تضررهم منها إلى أنها أنشئت بإيعاز من إحدى الجهات، وأنه لهذا سميت بـ «الوطن» ولتكون تكملة لمشروع صحيفة «الوطن» التابعة لنفس الجهة (التقرير لم يتردد أيضاً عن تناول هذه الصحيفة بالسوء وربطها بالجمعية)، ولم تكتفِ الوفاق وذراعها الإلكتروني بهذا؛ وإنما قررت أن الساعاتي حصل على مبلغ قدره مائتي ألف دينار لتأسيس الجمعية! وأن الجمعية تم تأسيسها ليكون لها دور في الانتخابات النيابية والبلدية المقررة الشهر المقبل. اتهامات لها أول وليس لها آخر، بدأت ويعرف الساعاتي ومن معه أنها لن تنتهي حتى لو غير اسم الجمعية إلى آخر تختاره الوفاق وتوافق عليه جماهيرها!
لست طرفاً في الموضوع؛ فأنا لست عضواً في الجمعية الجديدة ولا في غيرها من الجمعيات السياسية أو جمعيات المجتمع المدني، فهذا قراري منذ سنين كي أشعر بأني محايد، فأتناول كل الأطراف دون حرج، ولهذا دعوت في مقال لي قبل يومين الجمعية الجديدة إلى أن تترجم كلامها الجميل إلى عمل ملموس وإلا انتهت، فالمواطن مل من الكلام وسئم منه ولم يعد يثق إلا في العمل، والعمل فقط.
لست مع هذا الطرف ولست ضد ذاك، أنا مع الوطن (إن لم تزعج هذه الكلمة أحداً) ومع كل خطوة يمكن أن تخرج هذا الشعب الجميل من هذا المأزق القبيح الذي أوقعوه فيه لأهداف لم تعد خافية على أحد.
لم يكن مناسباً استقبال الوفاق ومن صار محسوباً عليها لهذا المشروع الوطني بهذه الطريقة، فالساحة تستوعب الجميع، وللجميع حق العمل. ربما كان خطأ الساعاتي أنه لم يسعَ للحصول على مباركة الوفاق!