عند ساعة محددة من صباح أمس الأول انتشر خبر اتخاذ جمعية الوفاق قرارها بالمشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية. بعد ذلك بساعتين انتشر خبر اتخاذ الوفاق قراراً بعدم المشاركة في الانتخابات. بعد ذلك بساعة تغير القرار قبل أن يتغير من جديد ليعود ويتغير من جديد أيضاً، حتى بدا الأمر وكأن الناس في بورصة يتابعون أرقام الأسهم وهي ترتفع لتنزل بعد قليل قبل أن ترتفع من جديد.
ما الذي تريده الوفاق من هذه العملية؟ وهل هي بالفعل لا تزال دون القدرة على اتخاذ قرار بالمشاركة أو بعدمها؟ وما هو تأثير مشاركة أو عدم مشاركة الوفاق في الانتخابات؟
الأكيد هو أن الوفاق تلجأ إلى هذا الأسلوب كي توصل رسالة إلى الداخل والخارج مفادها أنها من الأهمية بمكان بحيث ينتظر الجميع قرارها، وأن هذا يعني أن الانتخابات من دونها لا قيمة لها وأنها تصير لها قيمة فقط لو شاركت هي فيها. هذا أمر واضح ولعبة مكشوفة، وما يجري يعني أن الوفاق اتخذت قرارها وأنها فقط مهتمة بتوصيل هذه الرسالة، على الأقل كي ترضي غرورها وتضمن انشداد الشارع لها، وفي نفس الوقت لا تفتح على نفسها باباً تتوقع منه الأذى لو أعلنت بوضوح أنها ستشارك في الانتخابات، فما صار يعرف بائتلاف فبراير سـ «يسندرها» وسيبدأ تأليب الشارع عليها تمهيداً لإخراجها من المولد بلا حمص.
من بين ما يتم تداوله في هذه الفترة أن الأمريكان وعدوا الوفاق بأمور وأنهم ينتظرون اللحظة المناسبة ليوفوا بوعدهم، وأن إيران كذلك وعدت الوفاق بأمور وأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتفي بوعدها، وأن هذا يعني أن قرار مشاركة الوفاق في الانتخابات رهن بالأمريكان وبالإيرانيين. لكن القصة تبدو أكبر وفيها تفاصيل لم تصل إلى العامة. من هنا صار على الدولة إن كان يتوفر لديها معلومات أن تطلع الشعب عليها كي لا نفاجأ في لحظة ونرى ما لا يمكن أن تصدقه عيوننا، ذلك أن دخول الأمريكان والإيرانيين على الخط ليس لسواد عيون الوفاق ولا لسواد عيون غيرها، عدا أن المنطقة تموج بتطورات تنذر بحدوث تغييرات غير متوقعة وغير معقولة.
لا تتوفر لدي معلومات ولكن كغيري تتوفر لدي الشكوك، فهناك خطوط مفتوحة بين الوفاق والولايات المتحدة وإيران ودول أخرى لها مصالح في البحرين، وهناك لقاءات تم بعضها جهرا ويتم بعضها سرا تدفع في اتجاه أن الوفاق تلعب لعبة أكبر من حجمها وأنها قد تتسبب بمشاركتها أو عدم مشاركتها في الانتخابات في فتح الباب لمزيد من التدخل الأجنبي في المشكلة المحلية وتسهم في زيادة تعقيدها.
في الأحوال العادية تعلن الجمعيات السياسية عن قرارها بالمشاركة أو بعدم المشاركة في الانتخابات، وهذا ما قامت به كل الجمعيات باستنثاء الوفاق ومن صار يتبعها من الجمعيات السياسية والتي تنتظر قرار الوفاق، فلماذا كل هذا التأخير في الإعلان بوضوح عن قرار المشاركة أو عدمها؟
حسب المعطيات فإن تأخر جمعية الوفاق وتوابعها عن الإعلان بوضوح عن المشاركة أو عدم المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية لا يدخل في باب محاولتها الحصول على أكبر قسط من المكاسب، ولكنه بسبب أن القرار ليس في يدها وإنما في يد الأمريكان وفي يد إيران، بدليل سرعة إصدار إيران بيانا ينفي لقاء مبعوثين منها مع الشيخ عيسى قاسم في منزله والاهتمام غير العادي بنفي الوفاق وقاسم لخبر اللقاء.
ما لم تنتبه له الوفاق ومن معها من جمعيات سياسية ودول هو أن المواطنين في البحرين لم يعد يهمهم مشاركة الوفاق أو غيرها في الانتخابات بل على العكس صاروا يتمنون ألا تشارك فيها