كلمة إجازة، كلمة تشرح القلب عند غالبية الناس، سواء كانوا موظفين أو طلاب في المدارس والجامعات أو متقاعدين أو حتى عند الفئة التي لم تعمل من قبل، فتلك شريحة تحرص بداية السنة الجديدة على الاطلاع على التقويم السنوي لترغيب نفوسهم وإسعادها بأن الإجازات على الأبواب، حتى وإن كانت هذه الإجازة في منتصف الأسبوع، ناهيك عن الإجازة الأسبوعية. إجازة عيد الأضحى خلصت، وكل عام وأنتم بخير، وما من شك بأن الفائز من هذه الإجازة هم حجاج بيت الله الحرام -تقبل الله طاعتهم- والناس بعد هذه الإجازة تترقب إجازة العيد الوطني، طبعاً غير الإجازة الأسبوعية.
من الملفت في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً «الانستغرام»، صور وعبارات وتعليقات، بل مقاطع من الفيديوهات تعبر عن فرحة المرسل لهذه الرسالة عبر موقعه عن فرحته الشديدة بقدوم يوم الخميس، بل إن البعض يتفنن في وضع مقاطع من مسرحيات ومسلسلات عربية التي تتناسب مع فرحتهم بالعطلة، هناك من اتخذ من وجوه الفنانين رمزاً للتعبير عن الفرح والابتهاج بقدوم يوم الخميس، وآخرون ألبسوهم ثوب الحزن في مقاطع درامية تعبيراً آخر عن انقضاء الإجازة وبداية الدوام والروتين اليومي.
الشعب البحريني عرفناه جميعاً محباً للعمل، يجد ويجتهد لكسب قوته وقوت عياله، عرفناه صبوراً في كل موضع، يسعى بكل طاقته أن يعمر البلد وأن يسمو معه إلى مراتب الازدهار والتقدم والركب الحضاري، وهذا ما نرجوه من الأجيال القادمة لمستقبل البحرين الصاعد، بألا يتخذ من التعليقات والنكت في مواقع التواصل الاجتماعي والترحيب للإجازة والاشمئزاز من العمل ودوام يوم الأحد، حتى لا تشرب الأجيال القادمة من ثقافة الكسل و«الربادة» والاعتماد على العمالة الأجنبية لبناء الوطن.
الإجازة أياً كانت، طويلة أم قصيرة هي ضرورية للجميع؛ للموظف والعامل والطالب حتى ربة البيت تحتاج إلى إجازة أسبوعية حتى تكسر فيها قيود الروتين والعمل الدائم، فالإجازة لها طعم آخر لتجديد الطاقة بل هي فرصة لإراحة العقل والبدن ومحطة للتفكير السليم والإبداع والانخراط في العمل بنشاط بعد الإجازة. بيئة العمل والبيئة التعليمية التي يقضي الفرد معظم وقته فيها هي بالتأكيد عامل من العوامل التي تدفع الموظف أو الطالب إلى تحديد الأفضلية لديه، الإجازة على العمل أو العكس، فطبيعة العمل والأفراد الذين يمثلون هذه البيئة هم بالتأكيد أدوات للطاقة الإيجابية أو السلبية.
الأجواء التعليمية في مدارسنا اليوم هل تحفز الطالب على التعلم والإبداع وتلقي العلوم المختلفة، ما يجعله يفرح عند ذهابه للمدرسة بعد الإجازة الأسبوعية أو الصيفية؟ أم أن كثرة الواجبات والأوزان الثقيلة التي يحملها الطالب كل يوم على ظهره والتهديد والوعيد الذي ينصب عليه طوال اليوم من قبل مدرسيه وإدارة المدرسة تجعل منه طالباً محبطاً أو طالباً متفائلاً؟ وكيف للموظف أن ينتج في عمله ما لم تحفزه بيئته على حب العمل، فالراتب والحوافز والتقدير والتشجيع المستمر، والعمل في مجال تخصصه كلها عوامل إما تجعله إيجابياً في بيئته أو أن يكون إنساناً سلبياً يكره اليوم الذي انضم فيه للعمل. فالإجازة والعمل لابد لهما أن يسيرا في توافق وتناغم حتى يكون للعمل طعم وللإجازة طعم آخر تتجدد من خلالها كل الطاقات.
ترقب الإجازة بفارغ الصبر وانتظارها مفهوم آخر عن أيام نستعجلها من أيامنا وأعمارنا، فكل يوم ينقضي ويفوت، هو في الأصل أيام تنقص من حياتنا، لذلك بتنا نستشعر بأن الوقت يمر بسرعة والأيام تتوالى مسرعة لأن ما كان قبل سنة ظنناه بالأمس، وهكذا تمر الأيام دون أن نستمتع باليوم الذي نعيشه في انتظار الإجازة.