تدق عقارب الساعة شيئاً فشيئاً باتجاه ساعة الصفر؛ والتي بها نعني حزمة من المتغيرات على الساحة البحرينية.الانتخابات النيابية على الأبواب، وعدد المترشحين يزيد يوماً إثر يوم، والناس بدأت تتخذ قراراتها بشأن التصويت أو عدمه، والإيجابي أنه حتى من ليس مقتنعاً بأداء البرلمان في الفترات السابقة لسان حاله يقول بأن مشاركته واجب وطني لأن خلافها يصب في نفس التوجه لمن يريد الضرر لهذا الوطن.مضي الوقت يعني تضييق الخناق أكثر على من يريد استمرار ابتزازه للدولة والمساومة معها تحت أي صيغة كانت.ولأن البوصلة خلال الأسابيع الماضية اتضحت بأنها سائرة في اتجاه صريح معني بدفع عجلة الوطن إلى الأمام، وأن الانتخابات قادمة، وعملية البناء مستمرة، وأن الركب ماض ومن يريد الالتحاق به هو المستفيد ومن يقف معولاً على أمور أخرى فهو المتضرر في النهاية، لأنه سيظل في عزلة لسنوات أربع قادمة.يوم يطوي يوماً آخر، والدائرة تضيق، ومن قال بأنه سيسقط النظام وسيختطف البلد هو الواقف الآن محتاراً بشأن موضع قدميه، يريد أن يكابر ويستقوي باستنهاض الشارع وتأجيج كراهية الدولة في قلبه، وفي جانب آخر يريد أي شيء مهما صغر ليعلقه كشماعة يبرر فيها وضعه، فمن إسقاط النظام وتصفير الدولة، هو اليوم يتحدث عن حظوظه في الانتخابات وتوزيع الدوائر ويترجى أن تقدم له الدولة شيئاً.إن كانت الوفاق ثابتة على موقفها من المقاطعة، فلماذا تتعب نفسها في «حساب» كم دائرة ستفوز فيها وكم دائرة ستخسرها؟! أليست هي التي تقول بأنها ماضية في صمودها ومع الناس الذين وقفوا معها؟! بالتالي لماذا حسبة الانتخابات تدخل هنا؟! أليست هي التي تقول بأنها لن تقبل بأية تنازلات، فلماذا إذاً تتوسل النظام أن يعطيها شيئاً؟!قلنا بأن الجرأة والشجاعة مفقودة لديهم، وإلا لكان العكس بأن يصارحوا شارعهم، بأن يقولوا لهم ماذا تتضمنه رسائلهم التي لا تنشر والموجهة للنظام؟! لماذا لا تقولون لشارعكم بأنكم تريدون أي شيء حتى تدخلوا الانتخابات وحتى تعودوا للمجلس؟!البحرين اليوم كما هي عليه فيما سبق، إن كان البعض يظن بأن حرق الإطارات وقطع الطرقات مسألة طارئة، فعليه أن يتذكر بأنها حصلت في السابق، وحتى قبل محاولة الانقلاب في فبراير 2011، وإن كان البعض يظن بأن الإعلان «الكاذب» لمقاطعة الانتخابات مسألة وليدة لما شهدته البلاد خلال السنوات الماضية، فهي أيضاً حصلت في السابق ودخلوا بعدها للمجلس، وإن كان البعض يظن بأن الصراخ والعويل في الخارج نتيجة ما حصل، فإنهم أصلاً ما فتئوا يسيئون للدولة في الخارج طوال عقود ماضية.البحرين كدولة لن يتصفر عدادها، بل هم الذين تصفر حراكهم، هم من أسقط في يدهم، حلم الانقلاب ذهب ومعه الدوار الذي كانوا يرونه رمزاً لإعلان دولتهم المفصلة على قياسهم.الآن يمارسون فقط «بطولات الكيبورد»، تحولوا من جمعيات سياسية -يفترض- إلى مروجي إشاعات وناشري أكاذيب، وفئات تسعى للتأثير على عزم وثقة ونفسية المخلصين لهذا البلد، بالتالي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكاذيب تشير لتغيير في بوصلة الدولة، تكذب وتقول بأن تعديل الدوائر سيكون عليه تعديل آخر، وأن القانون سيجمد وأن الأحكام ستلغى وأن من تآمر على الدولة وتخابر مع الخارج سيخرج وكأنه لم يفعل شيئاً.قالها في يوم من الأيام علي سلمان موجهاً كلامه للدولة ومتحدياً -وسط أتباعه طبعاً- قالها «تحلمون»، لكن الواضح بأن قصده جماعته وليست الدولة والمخلصين لها، فمن «يحلمون» هم من يريدون سرقة هذا البلد، من يريدون تفصيله على قياسهم، هي أساس ليست أحلاماً، بل أضغاث أحلام تتحول إلى كوابيس.