حين يعلن مواطن بحريني أنه قد تم تهديده لإجباره على الانسحاب من الانتخابات على مرأى ومسمع من العالم كله أمام عدسات ومسجلات الصحافيين دون أن تتحرك الأجهزة الرسمية لاتخاذ أية إجراءات قانونية فإننا أمام حالة تقاعس للدولة وامتداد لنفوذ جماعة حتى أصبحت قادرة على إرهاب الناس علناً دون محاسبة.
إرهاب الوفاق ليس جديداً بالنسبة لنا كشعب بحريني، نحن نعرف أننا أمام جماعة مارست الإرهاب وقدمت دعماً وتمويلاً لإرهابيين، وخطابهم الرافض للإرهاب لا يعدو أن يكون حملات تسويق للخارج ليس للداخل، و«الخارج» يتصور أن هناك تلاوين وتمايزات في الشارع (المعارض) ومنهم من يلجأ للعنف ومنهم لا يقره، والوفاق بالنسبة للسفارات ومندوبي المنظمات «جماعة سلمية»!! ويعتقد أن حوادث العنف التي تعرض لها سكان مناطق النفوذ الوفاقية سببها يعود إلى الجناح المتشدد من الشيرازي على وجه الخصوص، أما الوفاق فليس لها علاقة بالعنف والإرهاب طالما تصدر بيانات الإدانة والشجب والنفي!
مع العلم أن إرهاب جماعة الولي الفقيه يمتد لأكثر من ثلاثين عاماً منذ أن سيطروا على المساجد والمآتم واستخدموا العنف لإرهاب مخالفيهم ومنعوهم من الخطابة في المساجد ومنعوهم من استلام مخصصات الأئمة والمؤذنين من الدولة، ورغم ذلك الإرهاب البين إلا أن الدولة لم تتدخل لاعتقادها أن تلك مسألة خاصة فيما بين أبناء الطائفة الواحدة. وها هي النتيجة، سيطرة نفوذ داخل القرى وإغلاق منافذ وحرق بيوت المخالفين وممتلكاتهم وسد للشوارع.
ولولا أن تدخل الدولة لحماية من تعرض للعنف والإرهاب والتهديد سابقاً كان تدخلاً محدوداً لما اضطر معظمهم من البحرينيين والأجانب لتركها والبحث لهم عن مكان سكني آمن، تلك أوضاع لا تجد لها ذكراً في تقارير السفارة الأمريكية، تلك حقوق تخلت عن حمايتها الدولة وتغاضت عنها الأجندات الأجنبية..
إنما اليوم نحن أمام منعطف تاريخي وأمام حملة دولية ضد الإرهاب، وتصريح علني لعضو مؤسس من الوفاق قال بالحرف الواحد إنه يخشى على سلامة أبنائه وأحفاده فالأمر لا يحتمل سفسطة التفاسير، نحن أمام بلاغ شبه رسمي بتعرض بحريني للتهديد، وأمام حرق متعمد لسيارات أكثر من مترشح، نحن أمام استعراض عضلات أمنية خارج سيطرة الدولة، وهنا لابد للدولة أن تتدخل بغض النظر عن موقفها السياسي من هذا المواطن أو موقفها السياسي تجاه الجمعية التي ينتمي لها أو موقفها السياسي من الجماعة أو الأفراد الذين قاموا بتهديده وابتزازه وإجباره على التخلي عن ممارسة حقه.
لا يمكن أن يصرح إنسان في أي دولة في العالم وأمام عدسات المصورين بأنه مهدد ويخشى على أبنائه ولا أحد يسأله أو يعرض حمايته.
فحماية الفرد الإنسان مواطناً كان أو مقيماً، والحفاظ على سلامته وسلامة عائلته هي مسؤولية من مسؤوليات الدولة وأجهزتها حتى وإن لم يقدم الشخص بلاغاً رسمياً إنما صرح علناً بأنه يتعرض للتهديد فذلك يكون كافياً، كيف خرج هذا الشخص من مركز الاقتراع وقدم طلب شطب اسمه أمام قضاة ورجال أمن وصحافة ولم تحرك وزارة الداخلية ساكناً، هل تهديد الناس أصبح مسألة عادية في مملكة البحرين للدرجة التي تنقل جميع وسائل الإعلام الحادثة وكلنا نشيح بوجهنا عنها؟ لا عجب إن شهد اليوم الثاني تمادياً والوصول إلى بيوت المرشحين وتهديدهم وإرهابهم أين الدولة؟
ثانياً لابد من تسجيل هذه الحوادث وتوثيقها بغض النظر عما ستؤول إليه القضية في حال إحالتها للنيابة العامة من عدمه، فقد يتردد الضحايا في إكمالها واللجوء للقضاء وقد يستسلمون للخوف والابتزاز، إنما توثيق القضية مسؤولية الدولة أولاً وشهادة إثبات على إرهاب هذه الجماعة.
أخيراً هذا هو وجه الوفاق الحقيقي حين سقطت الأقنعة والمساحيق وهذه هي ديمقراطيتهم الموعودة وهذه هي رؤيتهم للحقوق الإنسانية.. لا شيء جديد.