المحاولات المستميتة التي تبذلها الوفاق اليوم لحفظ ماء وجهها كما يقول المثل، إن لم يكن في وجه الوفاق قطرة ماء بالأصل، هو دلالة على محاولتها اللعب في الوقت الضائع إذ إنها لا يمكنها أن تعلن مشاركتها دون أن تستفيد من الوقت المتبقي على موعد الانتخابات بالحصول على مكاسب أكثر وقد ترفع من قيمة المكافآت المالية والعينية لأعضاء الوفاق وطبعاً السهم الأكبر لعلي سلمان ومرزوق، لأنهم يعرفون كرم الدولة وجربوه في مثل هذه المواقف، كما إنها لا يمكنها أن تعلن استسلامها فجأة مرة واحدة لأنه قد تكون هناك أحذية تنتظرها من الذين سيصدمون من خدعتها التي تاجرت فيها بشبابهم وبناتهم وأطفالهم، وها نحن نرى وجه علي سلمان كيف كان «مشخول» وهو يوجه كلمته إلى ميليشياته ويدعوهم بنفسه إلى المظاهرات في 18 سبتمبر، يظهر كعادته بتمثيلية التمسكن والورع لكنه هذه المرة يبدو وكأنه لطم على خده بعد أن أطلع على أسماء الموقعين على بيان سمو ولي العهد، والذي كشف بأنه وزمرته ليس أكثر من منفذين للإرادة الإيرانية.
هذه الدعوة التي وجهها علي سلمان لجمهوره للخروج في المظاهرات التي لن يلبيها إلا جمهوره، أما الموالون لوطنهم وخليجهم وأمتهم سيجلسون في بيوتهم بانتظار موعد الانتخابات كي يعلنوا براءتهم من إيران التي لم تأت لهم إلا بالشر، وأما الخير فيختص به علي سلمان وشلته، سيشاركون في الانتخابات كما شاركوا من قبل، دون أن يحرك فيهم هذا المتيم بحب إيران شعرة خوف في قلوبهم، نعم لا يخافون من سلخهم من المجتمع ولا من نبذهم في محيط مجتمعهم، لأنهم يعرفون أن نبذ الأمة لهم هو النبذ الحقيقي.
إيران تعلم أن الظروف السياسية الحالية والوقت ليس مناسب لتنفيذ مؤامرة انقلابية مصيرها الفشل، ولذلك هي قد ترى أن مشاركة الوفاق في الانتخابات قد يحقق لها مصالح ويهيئ لها ظروف أفضل لإنجاح مؤامرة انقلابية قد لا تكون بعيدة، ولكنها قد تتهيأ لها ظروف أفضل، وخاصة بعدما لاحظنا الإعلام الوفاقي قد تبدل اليوم إلى تحريض الشعــب على الدولة، باستغلال الظروف المعيشيــة والخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن مثل شروط الاستحقاق للحصول على الخدمات الإسكانية التي تسقط شريحة كبيرة من المواطنين، وشق صف أهل السنة وها نحن نرى أن هناك بعضاً من أهل السنة البسطاء يغردون نيابة عن الوفاق في مسألة التجنيس التي تستأنس على تغريداتهم وتعيد نشرها وتستشهد بها في تقاريرها وتتفكه بها في مجالسها، فهي إذاً الاستراتجية الإيرانية التي قد تحدد مشاركة الوفاق في الانتخابات من عدمها، وكما ذكرنا أن علي سلمان ليس سوى المتحدث الرسمي الذي ينقل التوصيات الإيرانية إلى أتباعهم، وهؤلاء الأتباع بالطبع يذعنون لها لأنها توصيات تأتي تحت بند «التكليف الإلهي» وبند «وصيتي للشعوب» من وصية مرجعهم الروحي الخميني التي تقول: «وأما وصيتي إلى الشعوب الإسلامية فهي: أن اجعلوا حكومة الجمهورية الإسلامية، وشعب إيران المجاهد قدوة لكم، وإذا لم تستجب حكوماتكم الجائرة لإرادة الشعوب – التي هي إرادة إيران – فأجبروها بكل قوة على الاستجابة لذلك».
نعود إلى الوفاق واللعب في الوقت الضائع الذي أشار إليه علي سلمان بعد بيان سمو ولي العهد بقوله «هذا ما عليه المشهد حتى هذه الليلة فإن تغيرت الأوضاع سلباً أو إيجاباً سنطلع الشعب عليها في حينها»، أي أنه يعترف بنفسه أن هذه التوصيات التي وصلت إليه حتى هذه الليلة، وقد تتغير إيجاباً أي بالمشاركة، لأن كما قلنا إنها لعبة إيرانية متقنة، إيران لعبتها ومازالت تلعبها في ملفها النووي ومساومتها مع المجتمع الدولي ومع الأنظمة العربية والخليجية في جميع الملفات، وذلك حين تضع أمامهم جميع الخيارات وتضغط هنا وهناك حتى لا تخرج من أي لعبة إلا وتكون قد حققت الجزء الأكبر من أهدافها وترفع بقية الأهداف لجولات قادمة، وما البحرين إلا واحدة من أهم ملفاتها، إنها إيران الكسروية الهمجية التي تتخذ الشعوب العربية رهينة تفاوض عليها ففي يدها اليوم الشعب العراقي والسوري واللبناني واليمني والبحريني وكذلك الفلسطيني وغداً شعوب الدول الخليجية المتبقية التي لم يحن دورها ومعها أنظمتها، وأن أخرت اليوم إسقاط النظام في دولة منها فهي حسابات لديها تؤخرها وتقدمها، فهي لديها أولويات واليوم أولوياتها إسقاط الحكومة اليمنية لأن جاء وقت إسقاطها وبعدها تأتي البحرين، ولذلك قد ترى أن مشاركة الوفاق في الانتخابات هو قرار إيجابي بالنسبة لها، إنها الإرادة الإيرانية لا إرادة علي سلمان فهو ليس أكثر من ممثل لرجل الدين الورع!