الآن ما يفهم مما أعلنته الوفاق «وأذيالها»، ومن مسيرتها «التي استجدى فيها علي سلمان أتباعه» الجمعة، بأن الجمعية الولائية الانقلابية لن تشارك في الانتخابات النيابية القادمة، وأنها ستعزل نفسها عن المؤسسة التشريعية للسنوات الأربع القادمة.
لكن ما يدور داخل أروقة الوفاق، وما تثيره بعض العناصر التي يبدو أنها استوعبت ما آلت إليه سياسة التعنت، يشير إلى وجود آراء باتجاه المشاركة وتحريك الموقف المتجمد للجمعية التي مازالت يترآى لأمينها العام بأنها ستفجر المعجزة وستطيح بالنظام وستأخذ مقدرات البلد.
بعض من عناصر «حق» ومناصري التيار المتشدد الذي يهاجم النظام بشكل واضح وبوجه ظاهر، أرسلت رسائل واضحة بشأن «ضبابية» موقف الوفاق، وأنه لو تراخى علي سلمان في موقفه وقرروا المشاركة فإن هذا «فراق بيني وبينكم».
طبعاً «الوفاق» لا يهمها من يصرخ من لندن، ولا يهمها من هم ينفذون حكماً داخل السجن، بالأخص عبدالوهاب ومشيمع لأن وجودهم بالداخل يعني «تفرد» علي سلمان بالخارج. لكن ما يهم الوفاق هو شارعها الذي مازال يمشي وراءها، والذي كثير منهم باتوا يسيرون بتوجس، خاصة وأنه يتم تحشيدهم ودعوتهم للخروج في الشوارع وتغذيتهم بكلمات حماسية «سهل إطلاقها» في حين التوجس مما يحصل في الخفاء وما إذا كانت الوفاق ستقبل أخيراً بالمشاركة أم لا، خاصة وأن الحلفاء الأمريكان والبريطانيين يبدون وكأنهم «رموا الوفاق على صخر»، وحددوا أطر دعمهم بالمشاركة في الانتخابات مع بقية مكونات المجتمع البحريني.
ستدخل الوفاق الانتخابات، خاصة وأن تعديل الدوائر قد يجعلهم يحسبونها مرات ومرات بشأن التفوق في عدد الكراسي داخل البرلمان، وهذه فرصة كانوا ينتظرونها منذ سنوات، فالأغلبية بالنسبة لهم يعني التحكم في مجريات الأمور بداخل المؤسسة التشريعية، إضافة إلى إمكانية «اللعب» في مصير الوزراء الذين لا يعجبونهم والذين ليسوا «على هواهم».
لكن حتى لو سلمنا بأن الوفاق ستشارك، هنا ستكون مستعدة لمواجهة «نار» شارعها، لكن في جانب آخر ماذا عن جمعيات «الذيل»، تلك الجمعيات التي اتخذتها الوفاق تبعاً لها، إما لأجل أن تقول بأنها ليست طائفية بالإشارة إلى تلون بعض الجمعيات بتلاوين مذهبية مختلفة «إلا الوفاق طبعاً»، أو لتقول بأن الجمعيات السياسية المعارضة تتفق على موقف واحد.
ماذا عن هذه الجمعيات، ماذا عن موقفها لو فاجأتهم الوفاق بإعلان المشاركة في الانتخابات؟! هل سيتغير خطابها وستعلن المشاركة وستلحق بالوفاق؟! وهل ستحاول أن تأخذ ضمانات من الوفاق نفسها لتتجنب عمليات «التصفيع» على الرأس والوجه التي نالتها في الانتخابات السابقة؟!
جمعية «وعد» التي كان لها الفضل في إعلان «موت» التيار الليبرالي، والتي وضعت نقطة في نهاية «تاريخ الحركة النضالية» وتحولت لتابع مخلص لجمعية أخرى طائفية، هذه الجمعية أكثر من تضرر من الوفاق، استعبدت إرادتهم حتى بيانهم بشأن قانون الأسرة كان هزيلاً ضعيفاً مهلهلاً جعلنا نتحسر على وضع جمعية كانت تمثل أملاً للتيار الليبرالي، لكن يبدو أنها بالفعل «قبرت» حينما توفي المناضل عبدالرحمن النعيمي رحمه الله.
ماذا ستفعل جمعيات «تكملة العدد» لو قررت الوفاق دخول الانتخابات؟!
الجمعية الولائية إن فعلت فإنها لن تسمح بخسران مقعد واحد قد يكون سبباً في استحواذها على أغلبية كراسي البرلمان، هي لن تخاطر أبداً بالتكرم بمنح «أتباعها» ولو «ربع» مقعد، والتاريخ يثبت ذلك وكرسي عبدالعزيز أبل خير شاهد، حينما ذهب له، لم يذهب للنعيمي أو أمين عام وعد إبراهيم شريف أو الدكتورة منيرة فخرو، بغض النظر عن المناطق، إذ تبديل العناوين مسألة سهلة كما يعرف.
يسأل أحدهم عن موقف المنبر التقدمي «الذي عانى مرشحوه الأمرين من الوفاق سابقاً»، وهل سيشاركون في الانتخابات أم لا؟!
الإجابة واضحة وصريحة بالنسبة لمن جعل نفسه تبعاً، هي بنفس تراتبية الأغنية الفلكلورية الشعبية «حمامة.. نودي نودي»، إذ المنبر سيشاركون حينما تعلن وعد المشاركة، ووعد ستشارك حينما تعلن الوفاق المشاركة، والوفاق ستشارك حينما يأمرها الولي الفقيه ويمنحها الضوء الأخضر لنشر القائمة الإيمانية، والولي الفقيه سيصدر أوامره حينما يأتيه الأمر من المرشد الإيراني الذي نصبه.
الوفاق هي التي دخلت في «حوسة كبيرة»، فمن يقول إن مصلحة الناس تهمه لا يكابر بهذه الصورة الفاضحة لأجل مكاسبه الشخصية ومغانمه في الحكم والسيطرة على الكراسي، بل يثبت للناس وللعالم بأنه مع كل بارقة لأي انفراجة، وأن نواياه صادقة بشأن أي تغيير.
هي مسألة وقت لا أكثر، الأمر الأجنبي الأمريكي البريطاني صدر، يبقى أمر الولي الفقيه الذي غازل الانتخابات قبل أسبوعين، حينما يصدر، يبقى على الوفاق أن تجيب شارعها الذي أخرجته الجمعة الماضية وقالت له «ثورة ثورة حتى النصر!».