الآن بعد أن أسقط في يد الوفاق بشأن موضوع الانتخابات والحوار، بين ردود متناقضة في المضمون صادرة عنها، وبين موقف ضبابي، بين إعلان أمام الملأ باستمرار مناهضة الدولة وبين مشادات في الداخل بشأن وضع نهاية للاستنزاف الذي أرهقها، يتضح أن المرحلة القادمة ستشهد تعاطياً مختلفاً مع المشهد.
الآن التركيز سيكون على محاولة «خلق البلبلة»، وهذه العملية لن تكون مقصورة على داخل البلد من خلال التحريض واستمرار دفع الشباب للشارع بهدف التصادم مع أجهزة الأمن وزعزعة الاستقرار، بل ستركز على الخارج في محاولات «توسل» جديدة لتدخلات مرفوضة، رغم أن الحلفاء أخبروهم أن عليهم إثبات أنهم جزء من هذا المجتمع عبر الالتزام بالقانون والمشاركة في الانتخابات.
حتى تصريحات الدولة الرسمية بشأن موعد الانتخابات شهدت بالأمس محاولات للعب فيها وتحويرها وخلق نوع من الفوضى في الشارع، وهذا ما حصل في وسائل التواصل الاجتماعي ما أدى بالدولة إلى حسم الأمور ونفي ما تردد.
ماذا فعل القط الذي التف الحبل حول رقبته؟! والمثير هنا أن الوفاق هي من لفت هذا الحبل حول عنقها وطبعاً حول من يتبعها عميانياً من جمعيات لا إرادة لها ولا رأي سوى أن تكون تبعاً.
وعليه فإن الدعوات لمسيرات مستنسخة ومتكررة ستتزايد، ومعها سترون الأعداد كيف ستنقص، وسيقف خادم الولي الفقيه ليصرخ صمود وثورة، بينما الناس ضجت وملت من ملاحقة وهم صنعته الوفاق، والأخيرة تعلم تماماً أنها بدون شحن الناس وبدون هذا الوقود البشري لا وجود لها ولا تأثير، والحقيقة المرة تقول إنه لا صراخ في وسائل تواصل ولا تشويه صورة يفيد طالما أركان الدولة ثابتة، وطالما أن القانون يطبق، والأهم طالما أن الغالبية في البلد قالت كلمتها.
هنا نقول للمخلصين إن الحذر في الأيام القادمة من أية أخبار تحاول إضعاف موقف الدولة، ستكثر الإشاعات التي ستحاول أن تشكك الناس في ثقتهم بالقرار المتخذ بشأن الانتخابات، سيكثر الحديث عن صفقات وتفاهمات، وهذا ما تريده الوفاق بالضبط، أن لا تكتفي بشحن شارعها بل بمد هذا المرض إلى المكونات الأخرى، ستحاول أن تغازل الأطياف المختلفة معها، وستحاول التغلغل وسطهم بالأكاذيب والفبركات.
وسط ذلك، على الدولة أن تواصل مضيها في موضوع الانتخابات وتهيئة الناس للفترة القادمة، وأن يكون خطابها واضحاً وثابتاً وأن تتصدى لكل محاولات التقول على لسانها ومحاولات تصويرها على أنها تقول للناس شيئاً وتفعل في الخفاء شيئاً آخر، وتحديداً الأسلوب الأخير هو أسلوب الوفاق نفسها حيث تقول لشارعها: «اذهبوا فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون»، أي أنها مازالت معهم في الحرب على الدولة لكنها لن تتردد في وضع يدها في يد الدولة لو سارت الأمور على ما تريد، ولو بنسبة ضئيلة.
على الناس أن يعوا، وهذا ما نثق فيه بأن الوعي زاد بعد محاولة الانقلاب ومساعي الاختطاف، لكن ينبغي للوعي أن يزيد بشأن ما ينشر ويبث بلا مصدر واضح وصريح. احذروا مما ينشر بصيغة ذكرت مصادر وكشفت شخصيات مطلعة وما شابه ذلك. كل الهدف الآن إثارة البلبلة ولا شيء آخر، فالغريق يتشبث حتى بقشة.