نظن أن الانتصار الكرتوني للحوثيين زاد جرعة الحماس لدى الوفاقيين وجعلهم يهذون ويهلوسون ولا يدرون ما يقولون، وها هو تصريح من تصريحاتهم الهزلية الفاقدة للقواعد والتفنيد، فلا آية من كتاب الله تسنده، ولا حديث عن رسول الله يدعمه، حيث قالت جمعية الوفاق «لا يحق لطرف سياسي أن يصيغ مستقبل البحرين بمفرده»، والسؤال هنا هل الحاكم جمعية سياسية أو ناشط سياسي كي تسميه الوفاق طرفاً سياسياً؟ وهل أصبحت الدولة اليوم بالنسبة للوفاق مجرد طرف بعد أن جلست مع الحاكم مباشرة؟ ثم هل سبق أن خامنئي أو روحاني استدعى المعارضة الإيرانية كمثال «مجاهدي خلق» للتشاور في صياغة مستقبل إيران أو حتى دعاها للمشاركة في برلمان، أو اجتمعت شخصية حكومية قط مع شعب الأحواز ليناقش مستقبل دولتهم؟ ثم أليس ما قدمته الدولة من مبادرات هي نتائج الحوار؟ ألم يكن تعديل الدوائر واحداً من المطالب؟ ألم تطالبوا بأن يكون الشعب مصدراً للسلطات؟ فهذه هي الدوائر، وهذه الانتخابات، والباب مفتوح لكم «لتكونوا صوت من تقصدونه من الشعب»، إذن الدولة ليست طرفاً سياسياً، بل هي الحاكم الذي يمثل ولي الأمر الذي يلزم الجميع بطاعته وعدم مخالفته، وها هي الخلافة الإسلامية ومن عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نهاية الخلافة الراشدة كانت هي مصدر القرار، وكان الخليفة هو من يعين ويعزل ومن يقرر الحرب، وكانت أمور الدولة جميعها في يده، وكذلك الخلافات من بعده، وما جاء بعدها من دول، وكذلك هي دول العالم، فلم يستشر بوش شعبه عندما قرر الحرب على العراق، ولم يستشر أوباما شعبه عندما قرر الحرب على «داعش»، ولم يستشر رئيس دولة روسية ولا فرنسية شعباً ولا برلماناً في قرارات تتعلق بمصلحة البلاد وسياستها الداخلية والخارجية، إذن الحاكم هو المسؤول عن أمن البلاد وسلامتها، وهو من يقر القوانين التي من شأنها أن تحافظ على الاستقرار وحماية الشعب من خطر المواجهة الأهلية، والتي حصلت في كثير من الدول بسبب ضعف قراراتها وتهاونها مع الأحزاب السياسية، عندما لانت لهم وتعاطت معهم، حتى تمكنت هذه الأحزاب من الدولة، مثلما تمكن «حزب الله» في لبنان.
ونأتي إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في من يخرج على ولي أمره، ويفرق الجماعة في حديثه «من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائناً من كان»، أو أن هذا الحديث ستقول عنه الوفاق أنه «دعوة وتشجيع للإرهاب كعادتها»، كما قال عليه الصلاة والسلام «من رأى من أميره شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية»، أو ستقول الوفاق أيضاً بأنه هذه دعوة للكراهية وتكفير، وذلك عندما ألغت الوفاق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله من طاعة ولي الأمر ومن عقائد منها عقيدة الجهاد التي تصنف صاحبها إذا ما دعا الأمة إلى محاربة أعدائها بأنها دعوى إرهابية، واعتمدت الوفاق بدلاً من ذلك ديمقراطية الغرب وبما جاءت فيه من مصطلحات سياسية، وذلك بعدما عجزت أن تجد دليلاً من القرآن والسنة يدعم جرائمها الإرهابية وأطماعها السياسية في نزع الحكم من الدولة وتسليمه لها.
ونعود إلى قول الوفاق «لا يحق لطرف سياسي أن يصيغ مستقبل البحرين بمفرده»، ونتمنى أن تشرح لنا عن ولاية الفقيه المطلقة في كلام الخميني في قوله «وإذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل فإنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبي صلى الله عليه وسلم منها، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا، ويملك هذا الحاكم من أمر الإدارة والرعاية والسياسة للناس ما كان يملكه الرسول صلى الله عليه وسلم»، فهل بعد هذا التفسير هناك مجال لطرف أن يدلي برأيه أمام الولي الفقيه أو يكون له مجال في صنع ليس مستقبل دولة بل حتى مستقبل بيته، أليست ولاية الفقيه تضع الولي الفقيه في مرتبة النبوة، وأن من ضمن صلاحية الولي الفقيه منع أي مرشح من الترشح إذا شك في ولاية للولي الفقيه، وأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ما هي إلا إجراءات شكلية في ظل حكم ولاية الفقيه فالولي الفقيه فوق الدستور، وقراراته هي قوانين إلهية واجبة التنفيذ.
إذن اليوم الدولة عليها أن تستفرد بالقرار إذا كان لمصلحة البحرين وشعبها، وأن فتح المجال لمشاركة أي من الأحزاب السياسية في التدخل في شؤون الحكم سيؤدي إلى ضعف الدولة وتمايلها يميناً ويسراً حتى تصبح معلقة لا ترسي على بر ولا مرسى، وذلك حين يسمح لهؤلاء المرجفين رسم مستقبل البلد، فوالله إن وضعوا هؤلاء «شخطة قلم» لكانت هذه «الشخطة» لصالح إيران.