خطة الطوارئ التي أعلن عنها رئيس الأمن العام بشأن مواجهة الإرهاب والتطرف مهمة رغم عدم الإعلان عن تفاصيلها حتى الآن. أهمية هذه الخطة ليست في تفاصيلها غير المعلنة، وإنما في أهمية الظاهرة التي تستهدفها. ومن الواضح أن هذه الخطة جاءت في سياق إقليمي انتبهت له دول مجلس التعاون منذ فترة مع امتداد موجة التطرف الجديدة إلى مجتمعاتها.
التطرف الذي تواجهه دول مجلس التعاون ليس تطرفاً تقليدياً كما كنا نشاهده في السبعينات أو الثمانينات من القرن العشرين عندما كان مجرد أيديولوجيا تحولت إلى مؤسسات بعد فترة، بل هو تطرف ذكي غير تقليدي يتم فيه استغلال الأيديولوجيا ليس لتأسيس المؤسسات والمنظمات وتطوير قدراتها، وإنما هو تطرف يستهدف إنشاء مجتمعات متناثرة هنا وهناك بحيث تكون الصورة لها دولة حقيقية بمرور الوقت لتتغير خريطة الجغرافيا مستقبلاً.
التطرف السابق كان يستهدف تكوين منظمات، والتطرف اليوم يستهدف تكوين دول، وشاهدنا ذلك في أفغانستان، ثم اليمن، والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من بلدان الشرق الأوسط، وحتى بعض الدول الأفريقية.
الجماعات المتطرفة اليوم مشغولة اليوم بتأسيس كياناتها إقليمياً، وبعد فترة عندما تنتهي من هذه المرحلة، ستتطور قدراتها وثرواتها وتنتقل لمرحلة أخرى، هي مرحلة المواجهة من الدول القائمة. وإذا كنا نتحدث عن تنظيم مثل داعش الذي أعلن تأسيس دولته في العراق، فإن الاستهداف المقبل سيكون دول مجلس التعاون الخليجي وليس غيرها.
لذلك قرارات المناصحة، وطلب توبة وعودة الخليجيين إلى بلدانهم بدلاً من الانخراط في الجماعات المتطرفة بسوريا والعراق قرارات ليست كافية، وهي مجرد حلول مؤقتة لن تنهي الخطر القادم.
التطرف القادم يتوقع له أن يأتي بموجة إرهاب جديدة مختلفة عما شهدته دول المنطقة من إرهاب في الفترات السابقة. لذلك ليس مطلوباً مواجهات أمنية في الداخل الخليجي، بل المطلوب أكبر من ذلك بكثير، وهناك حاجة ملحة لنقل بؤرة الصراع إلى مناطق أخرى لإشغال الجماعات المتطرفة ومن يدعمها ببؤر صراع غير متوقعة.
أيضاً لا يمكن أن ينتشر التطرف دون أن تكون لدى المجتمعات الخليجية القابلية للتطرف، ولذلك من المهم أن يتم الحد من نسبة انتشار التطرف وتحجيم نفوذ الجماعات المتطرفة. وهنا لا نتحدث عن جماعات متطرفة خارج المجتمعات الخليجية، وإنما نتحدث عن جماعات متطرفة داخل المجتمعات وتنشط فيها منذ فترة، وأبرز أمثلتها جماعات ولاية الفقيه التي تتعدد مسمياتها، وهناك حاجة لاجتثاثها لارتباطها بالتطرف واحترافها الإرهاب.