لا يمكن لي أن أتجاوز الزيارة المهمة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه إلى المملكة العربية السعودية بدعوة كريمة من أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي حفظه الله، وهذه الدعوة تظهر التقدير الكبير للأمير خليفة بن سلمان لدى القيادة السعودية.
هذه الزيارة في هذا التوقيت المهم لها الكثير من المدلولات التي ربما لم نعرفها حتى الآن، إنما من المهم جداً أن يكون التنسيق والتعاون والتكامل بين البحرين والسعودية في هذا التوقيت الحساس جداً من التطورات في المنطقة.
موضوعان مهمان ارتكز عليهما الاجتماع، الاتحاد الخليجي وهو يشكل اهتماماً كبيراً لدى الشعوب الخليجية، وموضوع تسهيل الحركة التجارية عبر جسر الملك فهد، ونتمنى أن تكون هذه الزيارة بوابة انفراج لأزمة الشاحنات بين البحرين والسعودية لما فيه خير البلدين، وأن تضع الزيارة خطوات عملية لتذليل الصعوبات في تنقل الأفراد والبضائع.
توقفت عند هذه الزيارة المهمة لما لها من دلالات أبعد مما نعرف، أو ربما تم الاتفاق على أمور لم يصرح عنها بالإعلام قد تخرج لاحقاً إلى السطح.
أذهب إلى ما أنا بصدد طرحه اليوم؛ فبعد الفرحة الشعبية بقرار منع الخمور على فنادق الثلاث نجوم «ونحن نشكر القيادة على هذا القرار نطالب بالمزيد» أخذ البعض يتخوف من توقيت صدور هذا القرار، هل صدر لأننا في شهر رمضان المبارك، هل جاء هذا القرار احتراماً للشهر الكريم؟ أم لأن الدولة عرفت الحبل السري بين مراقص فنادق الثلاث نجوم وتمويل الإرهاب؟ أم أن هناك أمراً آخر غير هذا وذاك؟
فبعض التحليلات أخذت تربط بين قرار منع الخمور وحصره فقط على فنادق الثلاث نجوم دون الأربع والخمس نجوم، وبين قرب الاستحقاق الانتخابي، وكأن هذا القرار هو أشبه بتطييب خواطر من كانوا ينادون بمنع الخمور بشكل تام وكلي.
بالمقابل هناك من طرح أن منع الخمور وتطييب خواطر أناس كثر بالمجتمع سيقابله تطييب خواطر أخرى من أجل ذات الاستحقاق النيابي، بمعنى أن هناك خيارات مطروحة اليوم، فماذا سيقدم من أجل الخواطر الأخرى؟
علي سلمان صرح في الجفير قائلاً لا يوجد حوار حتى الآن، ولكن يوجد هناك تواصل، أو ما يحمل هذا المعنى والتواصل هو جزء من الحوار، وإن كان كذلك فماذا يحمل هذا التواصل؟
كما قال إنهم لن يشاركوا في الانتخابات القادمة، وأعتقد أن هذا جزء من المناورة، من أجل الحصول على نصيب كبير من التنازلات من الدولة لصالح الوفاق وأتباعها والولي الفقيه.
الخيارات المطروحة والتي تطالب بها الجمعية الانقلابية من أجل الدخول في الانتخابات القادمة، هو الاستيلاء على أجهزة الأمن «وقد قال ذلك سلمان في الجفير» باختراقه بالتوظيف فيه في المناصب الكبيرة والصغيرة، وشيء من هذا أحسبه حدث، كما تطرح الجمعية الانقلابية أيضاً وقف التجنيس، وتطرح محاصصة الحصول على وزارات بعينها، وأهم وزارتين تعمل الوفاق للحصول عليهما هما البلديات والتربية والتعليم، إضافة إلى وزارة الصناعة والتجارة.
كما إن أتباع الجمعية الانقلابية يصرحون دوماً من أنهم يريدون تعديلاً «فئوياً طائفياً» للدوائر الانتخابية، وهذا الخيار ربما مطروح بقوة أيضاً، وقد يكون موضوع الخمور مقايضة لموضوع تعديل الدوائر، أو أحد الأمور التي أوردناها سابقاً، بمعنى أن أعطي هؤلاء مطلب وقف الخمور في أدنى صوره «في فنادق الثلاث نجوم فقط دون الأربع والخمس نجوم» وأن أعطي الآخرين أمراً آخر «مما سبق طرحه» والبعض يرجح أن تعديل الدوائر أقرب الأمور، أو أن قراراً بذلك سيصدر قريباً.
لا أعرف على أية صورة ستعدل الدوائر، فبالإمكان أن تعدل الدوائر بشكل وطني جامع وهذا أمر طيب، أما أن تعطل الدوائر على المقاس الطائفي للجمعية الانقلابية فهذه كارثة على مستقبل البحرين، كما لا يستوي موضوع الخمور «المحدود» وتعديل الدوائر في كفتي الميزان.
كل هذه إنما هي تحليلات قد تصيب وقد تخطئ، غير أن موضوع تعديل الدوائر سيلقي بظلاله على مستقبل البحرين، وكأن الدولة نفسها تستنسخ التجربة اللبنانية، لتعطيل الحياة السياسية وجعل طرف ما يتحكم في كل الأمور وبالتالي ستصبح لدينا دولة محاصصات، ودولة فاشلة كما هو حال حكومة لبنان المعطلة اليوم، فحتى اختيار الرئيس اللبناني أصابه التعطيل رغم أنه منصب شرفي.
على من ينظر إلى موضوع تعديل الدوائر من أجل أن يحصل طرف على الغالبية النيابية بشكل طائفي أن ينظر بتأنٍّ إلى هذا الموضوع الخطير، في المقابل فإن أطرافاً وقوى كبيرة بالمجتمع لا يعرف رأيها في هذا الموضوع، هل لها دور، أم أنها ستكتفي بالتفرج؟
موضوع الدوائر خطير جداً فلا ينبغي التلاعب به، ولا ينغي السماع لبكائيات من اعتادوا على النواح، في اعتقادي أن أي شيء من التنازلات من أجل أن تقبل أطراف المشاركة في الانتخابات يجب ألا تكون في قضايا مصيرية على مستقبل البحرين، هذا الأمر خطير للغاية ولا أعتقد أن الدولة البحرينية معجبة بالتجربة اللبنانية التي وصلت إلى شلل الدولة من الداخل وتحكم أطراف بها لأنه يحمل السلاح.
في اعتقادي أن من يحجم عن المشاركة في الانتخابات إنما هو يكرر أخطاء فادحة ارتكبها بشكل غبي، فلا ينبغي أن نستجدي مشاركة من يرتكب أخطاء استراتيجية في حق نفسه، هذا شأنه وليس شأن بقية الأطراف.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}