ذكر الشيخ مشاري الخراز وفقه الله في برنامجه الرمضاني الممتع لهذا العام «أحلى رحلة» قصة مؤثرة جداً تبكي القلوب وتجعل المرء يحزن على تقصيره في جنب الله تعالى، يقول: «ضمن جولاتنا في إحدى قرى شرق آسيا دخلنا على عجوز مقعدة وضع لها القبول في قلوب كل الناس، وتعيش في كوخ صغير يتكون من قطع خشبية وهو عبارة عن غرفة واحدة وليس فيها أي شيء يذكر، العجوز لم تخرج من كوخها لمدة 7 سنوات بسبب مرضها، وبسبب الآلام التي تشتكي منها في ظهرها فهي لا تستطيع الجلوس على كرسي خشبي، حيث تجلس على قطعة قماش تم ربطها ما بين الجدارين، من أخلاق هذه العجوز اعتذرت لنا أنها تجلس في مكان أرفع منا، وتستميحنا عذراً لذلك، لما رأيتها طلبت منها أن أسافر بها إلى المدينة من أجل العلاج ولكنها رفضت بدواعي كبر سنها وعدم استطاعتها لذلك، ثم بدأت بالبكاء، فسألتها عن حاجتها؟ فردت بأنها لا تريد شيئاً، وأوضحت لي بأنها تبكي ليلاً ونهاراً، فهي ليس لها أي تعلق بالدنيا، ولأول مرة نسأل فقيراً في تلك البلدان عن حاجته ولم يطلب شيئاً!! ولما أكثرت عليها بالسؤال أجابت: بأنها تخاف من الموت ومن عذاب الله تعالى بعد الموت، كلمتها هذه هزتنا جميعاً، فحاولت أن أخفف عنها لأذكرها برحمة الله تعالى، ولكني اكتشفت بأنها تعرف أن الله رحيم، ولكنها عندما تسمع في المحاضرات أن هناك عذاباً في القبر وحساباً تحزن وتخاف من الله تعالى، بعدها حاولت نصيحتها بأن تستغل وقتها بالدعاء والتسبيح، ولكني تفاجأت بأنها تفعل ذلك أصلاً، فهي يومياً تسبح مئات التسبيحات والتحميدات والتكبيرات، فهي ترغب في رضا الله تعالى، وتفرح بأي حديث تسمعه عن رحمة الله تعالى».
عجوز طاعنة في السن، تعيش في قرية نائية، بعيداً عن أنظار البشر، ترجو رحمة ربها وتخاف عذابه، تستغل أوقاتها في الذكر والتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء، عجوز لا تريد من الدنيا الفانية أي متاع، زهدت وتفرغت لذكر الله تعالى، ابتل خدها بالدموع خوفاً من الله تعالى، وخوفاً من تقصيرها في الطاعات والعبادات، تخاف من تلك اللحظات الحاسمات عند مفارقة الدنيا والانتقال إلى عالم البرزخ وإلى تلك الحفرة الضيقة، تخاف من عذاب القبر، يا ترى كيف سيكون حالها حينها؟؟
بون شاسع بيننا وبين هذه العجوز المقعدة التي باعت الدنيا واشترت الآخرة من أجل أن تظفر برحمة الله تعالى، وتظفر بجنانه الخالدة، بون شاسع بين تقصيرنا ولهونا في هذه الدنيا وبين تلك النماذج الربانية التي تعيش في القرى النائية تعتز بإسلامها وتتقرب إلى الله تعالى بتلك التسبيحات التي تنير عليها حياتها، فيا ترى ماذا قدمنا في أوقات يومنا الضائعة؟ هل أكثرنا من ذكر هازم اللذات «الموت» كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل تذكرنا مآلنا ومصيرنا بعد الرحيل من دنيا البشر؟ هل تخيلت عقولنا حالنا بعد فراق الدنيا والأحباب وانتقالنا إلى تلك الحفرة المظلمة الضيقة؟ إن العبد المؤمن لا يقوى إيمانه ولا يرتقي في منازله، ولا يرتبط بخالقه إلا بخوفه من الموت ومن عذاب القبر ومن أحوال الآخرة، وخوفه من عقوبة الله تعالى على ما ارتكبه من الذنوب والمعاصي، لذا فيسن الإكثار من الاستعاذة من عذاب القبر لأنه أول منازل الآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا أجمع على قلب عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة». وقال صلى الله عليه وسلم «إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار».
إن المرء مع مغريات الدنيا وتسارع الحياة، في مسيس الحاجة إلى أن يكون قلقاً على عمله، يبادر لكل خير يرفع درجته في الآخرة، يستغل كل فرصة سانحة في الطاعة والذكر والتقرب إلى الله تعالى، فهو يعيش حياة «الخوف والخشية» ليكون في ركاب المتقين المخلصين، فكلما تذكر مآله ومصيره، كلما سارع وبادر للخيرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله».
فالبدار البدار إلى «رحمة الله تعالى» وإلى التعلق بأستاره، وبخاصة ونحن في أول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، هذه الأيام المباركة التي تنزل فيها الرحمات ويغفر فيها الزلات وتعتق فيها الرقاب، وفيها ليلة هي من أفضل ليالي السنة على الإطلاق، هذا هو التدريب الحقيقي للمرء على «الخوف من الله» والابتعاد عن لذائذ العيش وتذكر المصير والمآل، التدريب الصادق بأن تكون كل لحظة في حياة الإنسان، هي لله ومن أجل الله، أقلها بأن يطمئن قلبه في كل حين، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
عجوز طاعنة في السن، تعيش في قرية نائية، بعيداً عن أنظار البشر، ترجو رحمة ربها وتخاف عذابه، تستغل أوقاتها في الذكر والتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء، عجوز لا تريد من الدنيا الفانية أي متاع، زهدت وتفرغت لذكر الله تعالى، ابتل خدها بالدموع خوفاً من الله تعالى، وخوفاً من تقصيرها في الطاعات والعبادات، تخاف من تلك اللحظات الحاسمات عند مفارقة الدنيا والانتقال إلى عالم البرزخ وإلى تلك الحفرة الضيقة، تخاف من عذاب القبر، يا ترى كيف سيكون حالها حينها؟؟
بون شاسع بيننا وبين هذه العجوز المقعدة التي باعت الدنيا واشترت الآخرة من أجل أن تظفر برحمة الله تعالى، وتظفر بجنانه الخالدة، بون شاسع بين تقصيرنا ولهونا في هذه الدنيا وبين تلك النماذج الربانية التي تعيش في القرى النائية تعتز بإسلامها وتتقرب إلى الله تعالى بتلك التسبيحات التي تنير عليها حياتها، فيا ترى ماذا قدمنا في أوقات يومنا الضائعة؟ هل أكثرنا من ذكر هازم اللذات «الموت» كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل تذكرنا مآلنا ومصيرنا بعد الرحيل من دنيا البشر؟ هل تخيلت عقولنا حالنا بعد فراق الدنيا والأحباب وانتقالنا إلى تلك الحفرة المظلمة الضيقة؟ إن العبد المؤمن لا يقوى إيمانه ولا يرتقي في منازله، ولا يرتبط بخالقه إلا بخوفه من الموت ومن عذاب القبر ومن أحوال الآخرة، وخوفه من عقوبة الله تعالى على ما ارتكبه من الذنوب والمعاصي، لذا فيسن الإكثار من الاستعاذة من عذاب القبر لأنه أول منازل الآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا أجمع على قلب عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة». وقال صلى الله عليه وسلم «إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار».
إن المرء مع مغريات الدنيا وتسارع الحياة، في مسيس الحاجة إلى أن يكون قلقاً على عمله، يبادر لكل خير يرفع درجته في الآخرة، يستغل كل فرصة سانحة في الطاعة والذكر والتقرب إلى الله تعالى، فهو يعيش حياة «الخوف والخشية» ليكون في ركاب المتقين المخلصين، فكلما تذكر مآله ومصيره، كلما سارع وبادر للخيرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله».
فالبدار البدار إلى «رحمة الله تعالى» وإلى التعلق بأستاره، وبخاصة ونحن في أول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، هذه الأيام المباركة التي تنزل فيها الرحمات ويغفر فيها الزلات وتعتق فيها الرقاب، وفيها ليلة هي من أفضل ليالي السنة على الإطلاق، هذا هو التدريب الحقيقي للمرء على «الخوف من الله» والابتعاد عن لذائذ العيش وتذكر المصير والمآل، التدريب الصادق بأن تكون كل لحظة في حياة الإنسان، هي لله ومن أجل الله، أقلها بأن يطمئن قلبه في كل حين، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».