من حيث المبدأ، وليس دفاعاً عن عيسى قاسم كشخص، إنما دفاع عن مبدأ عام هو حرية المعتقد كحق أقره الدين الإسلامي وأقره الدستور وأقرته عادات وأعراف أهل البحرين، ليس لأحد الحق في تكفير الناس وتحقير معتقداتهم، ذلك أمر مخالف للدين وللدستور وللقانون ويجوز لمن تعرضت معتقداته أن يرفع دعوى قضائية فالقانون يحميه.
مبدئياً لسنا وحدنا من يرفض خطاب التكفير وخطاب التحريض الديني من أي طرف، بل إن شعب البحرين برمته يعتبر أصحاب هذا الفكر وهذا الخطاب هم شذوذ عن نهجه المتسامح المنفتح، والحمد لله إن من يتبنى هذا الخطاب يلقى رفضاً مجتمعياً قبل أن يلقى ردعاً رسمياً، فلا تجد من يقف خلف هذا النوع من الخطاب إلا بضعاً من «اللوفر» لا يعدون على أصابع اليدين، ولا ثقل له ولا يمثل غير نفسه، وهذا هو حال من وقف وكفر الطائفة الشيعية قبل أيام، حيث لم يسمع بخطابه أحد، ولا ردد خطابه أحد، فلا صحافة ولا مجالس ولا وسائل تواصل اجتماعي تناقلت خطاب هذا الشخص، ولم نعرف أن «فلاناً» صعد على أي منبر أصلاً وقال هذا الخطاب إلا من رد فعل جماعة الولي الفقيه عليه، هي التي نشرت خطابه وهي التي ساعدت على انتشاره، ومن بعدها بدأت الناس تتساءل ماذا قال فلان، ومع ذلك.. لم يعره أحد من طائفته أي اهتمام، وما ذلك إلا لأنه بالفعل، ما قيل ومن قال، لا يمثل أي بحريني كفرد ولا كجماعة ولا كرأي رسمي، ولا يمثل غير نفسه.
فرد الفعل الطبيعي في هذه الحالة أنه من حق من تعرضت معتقداته للازدراء أن يرفع دعوى قضائية ضده، أما أن يسعى لتحويل خطاب نكرة لم يسمع به أحد لقضية عامة يستجدي فيها الاستعطاف الطائفي ويلعب دور الضحية أنه من كرمه ومن طيبه ومن رفيع خلقه لن ينجر إلى «حرب أهلية» وتهديد بأنه قد يلجأ للسلاح لو استدعى الأمر ووووو، وأن الشيعة في خطر والمعتقدات الشيعية في خطر والعلماء في خطر ووووو!
ثم من مس الطائفة الشيعية؟ ما دخل علماء البحرين الشيعة في الموضوع؟ ها هم وجهاء وعلماء وشخصيات شيعية عامة يومياً في مجالس القيادة مكرمين معززين كل ليلة منذ أن بدأ رمضان يصلون معهم و يفطرون معهم، ها هي مآذنهم ومساجدهم ومآتمهم عامرة بهم، ها هي الدولة تؤمنهم في ما يمارسون وما يعتقدون، ها هم الشيعة والسنة يتزاورون، فلم تجر وتسحب وتستعطف الطائفة وتجمعهم وإياك كل ليلة؟ فتجمع لك بضعة أطفال من كل قرية وتلتقط لهم صورة وتحتها عنوان انتفاضة الشيعة لعلمائها؟ أهذا ما تبقى لجماعة الولي الفقيه من أوراق تلعب بها؟ فإن كان خطاب التكفير إفلاساً فكرياً بالفعل لا يقوم به إلا من تنقصه الحجة والمنطق، فإن الأكثر إفلاساً بل هو منتهاه، هو توظيف «الإفلاس الفكري» من أجل مكاسب سياسية.