الحوار التالي مقتطف من برنامج بفضائية الميادين التي استضافت أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان على الهواء مباشرة عبر خدمة سكايب بتاريخ السبت 16 أغسطس الماضي وأدارته الإعلامية البحرينية وفاء العم، أنقشه هنا كما هو كلمة كلمة قبل التعليق عليه..
- المذيعة: قلت في تعليق على تنازل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن ترشحه لرئاسة الوزراء بأن الاحتكام للأساليب السياسية والابتعاد عن السلاح في العملية السياسية تنم عن نضح وحرص على العراق والعملية السياسية، وقلت نجحت إدارة السيد المالكي في إنهاء الاحتلال الأمريكي في العراق في غضون عشر سنوات بينما تحتل دولاً عربية وإسلامية عبر القواعد لعشرات السنوات، لكن هذا يتناقض مع ما ذكرته لإحدى الصحف الأمريكية عندما قلت بأن القاعدة الأمريكية في البحرين ضرورة استراتيجية ومهمة لاستقرار المنطقة، ما تعليقك؟
- علي سلمان: المالكي ووضع العراق الخاص حقيقة ثابتة اليوم، وتنازله بالرغم من أنه حقق هو والكتلة البرلمانية التي ينتمي إليها أغلبية برلمانية كبيرة جداً، يعني من خلال الكتلة الأكبر، أعتقد أنه كان أيضاً المسؤول من 2006 حتى الآن، وبالتالي أجهزة الأمن التي نشأت بما فيها الجيش العراقي إلى نوع من الولاء للمالكي، عندما يوجه المالكي هذه الأجهزة الأمنية إلى عدم التدخل في العملية السياسية ويلجأ إلى المحكمة الدستورية وهو رئيس وزراء، أعتقد أن هذا سلوك غير مسبوق في رؤساء الوزراء العرب.
- المذيعة (مقاطعة): ما أسأل عنه هو عن وجود القاعدة الأمريكية في البحرين، أنت تقول إن هناك قواعد تحتل دولاً عربية وإسلامية لعشرات السنوات، والبحرين فيها قاعدة عسكرية، هل مازلت عند رأيك الذي صرحت به إلى إحدى الصحف الأمريكية بأن القاعدة الأمريكية في البحرين..
- علي سلمان: أعتقد أن العراق على طريق الاستقلال حقق أكثر مما تحققه كثير من الدول العربية والإسلامية التي حافظت على استقلالها قبل خمسين سنة.
- المذيعة (مختتمة الحوار): يبدو أنك لا تريد الإجابة عن سؤالي.
طبعاً أمين عام الوفاق وفي محاولة هروب مكشوفة من السؤال المحرج الذي كشف مقدار التناقض في تصريحيه عن الأمريكان والقواعد العسكرية (الأول للصحافة العربية والثاني للصحيفة الأمريكية) حاول أن يظهر نفسه وكأنه لا يسمع ما تقوله المذيعة، فواصل حديثه عن المالكي الذي اعتبره مثالاً يحتذى وحالة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً وأنه هو من أنقذ العراق من الضياع.
الهـــروب أو التهرب من السؤال حـــق للمشارك في أي برنامج أو ندوة، لكنه يتطلب مهارات عالية، وهو ما يطلق عليه فن الدبلوماسية ويتم اكتسابه عبر الممارسة، حيث يقوم المتحدث الذي لا يريد الإجابة عن السؤال في تلك اللحظة لسبب أو لآخر باللف والدوران وإعطاء إجابات عائمة ولكن من دون أن يشعر المتلقي أنه يتهرب. هذا هو الفن، لكن الهروب عبر محاولة إيهام المتلقي (وهو هنا ملايين المشاهدين) بأنه لا يسمع ما تقوله المذيعة فيستمر في جواب لا علاقة له بالسؤال لا من قريب ولا من بعيد لا يفهم منه سوى أنه يعتقد أن المشاهدين أغبياء وأنه يمكن الضحك على عقولهم وعلى الفضائية وعلى المذيعة التي أدركت بخبرتها أنه إنما كان «يفاطس» ويريد الخروج من المأزق الذي صار فيه، فلم تجد بداً من إنهاء الحوار.. وفضحه بقولها «يبدو أنك لا تريد أن تجيب عن سؤالي».
لعل من المهم أن نستكشف من هذا الذي حصل في «السبت الأسود»، أن تصريحات الوفاق للخارج تختلف عن تصريحاتهم للداخل، فالتناقض الذي تعيشه الوفاق وكشفته «الميادين» يتيح لمن لا يعرف الوفاق معرفة في أي ميدان يسبحون.