قبل أن يتهمنا أحد المسؤولين بوزارة الأشغال، بأننا ضد الوزارة وضد العاملين فيها، نريد بداية أن نشكر كل الشكر هذه الوزارة على كل المجهودات الطيبة والخيرة في تطوير شوارع البحرين قدر الإمكانات المتاحة لها، وهي لا تألو جهداً في أن تعمل بطريقة نافعة لكل المواطنين، بل نحن نؤكد التزامنا بأن نكون منصفين في أن نشاهد الأشغال بعينين وليس بعين واحدة فقط، كما من الضروري التشديد على عدم الطعن والتشكيك في نوايا العاملين المخلصين من أبناء هذا الوطن، سواء من العاملين في وزارة الأشغال أو بقية مؤسسات الدولة، إلا أن يثبت العكس بالدليل وليس بالتحليل.
حين نرمي بالنقد على بعض المظاهر التي نشاهدها كل يوم، والخاصة بأداء وعمل وزارة الأشغال، فإننا كإعلاميين نرمي ما يتبناه الشارع البحريني في ملعب الوزارة وربما أحياناً في مكتب الوزير، وفي بعض الأحيان تكون ملاحظاتنا من نتاج تجربتنا المباشرة، حيث نحن الذين رصدناها وليس غيرنا.
من الواضح جداً اعتراضنا وامتعاضنا المتكرر دائماً وأبداً حول طريقة انتشار وعمل الإشارات الضوئية في بعض شوارع البحرين، إضافة إلى الكم الهائل من الإشارات الضوئية في مناطق صغيرة مزدحمة جداً بالسكن والمنازل والعمارات، وعلى الرغم من غضب مستخدمي الطرق من كثافة الإشارات الضوئية غير المبررة حسب اعتقادهم، إلا أن الوزارة مازالت تقوم بتركيب المزيد منها في شوارعنا بطريقة لافتة جداً، حتى من دون التفكير في خلق خيارات أخرى، ربما تكون متاحة وأفضل بكثير من إشارة ضوئية توضع هنا أو هناك.
اليوم، بدأت الناس تشتكي من كثافة الإشارات الضوئية في مملكة البحرين، حتى إن بعضهم بدؤوا يتهكمون في هذا الاتجاه حين أكدوا مازحين بأن الوزارة تريد أن تزرع إشارة ضوئية لكل مواطن، وهذا يعني أن الأمر أصبح واضحاً للجميع ومزعجاً للجميع أيضاً.
ليس هذا وحسب، بل أصبح ما يزعج غالبية الشعب البحريني هو عدم تنظيم عمل الإشارات الضوئية بطريقة سلسة ومريحة، فهناك الكثير من الإشارات تعمل بطريقة سلبية، مما يؤدي وضعها إلى ازدحامات مرورية خانقة لا يمكن تصورها، كما إن بعضها تعمل بطريقة استفزازية وغبية، حيث إن ارتكازها ووجودها من الأساس ليس صحيحاً أبداً، إذ لا يعقل أن تفتح الإشارة وتغلق لأكثر من مرة، بينما السيارات لا تستطيع تجاوز المنطقة التي مازالت قابعة فيها، كما لا يمكن أن يفهم المواطن كيف توضع إشارة ضوئية لا تبعد عن أختها الضوئية الثانية وربما الثالثة سوى أمتار معدودات، وبعضها الآخر، تقع في مناطق حيوية وتجارية، لا يمكن لمن يعمل أو يتبضع في الشوارع المحاذية لها أن يخرج من عنق زجاجة الازدحام إلا بعد أكثر من نصف ساعة، وفي مشهد يتكرر كل يوم!
العالم المتطور يحاكي الواقع بتجلياته وصوره الحقيقية، لكن هنا في البحرين، نجد العكس من ذلك، فبدل من بناء المزيد من الأنفاق والجسور وتوسعة الشوارع، تُعالج بعض هندسة الشوارع بتشييد المزيد من الإشارات الضوئية الرافعة للضغط والمسببة لكل أمراض السكري والروماتيزم وفقدان الأعصاب وبقية الأمراض النفسية والجسدية.
هذه ليست مزحة، إنها حقيقة مرَّة ومؤذية يعيشها كل بحريني منذ الصباح الباكر وحتى منتصف الليل، فهل سيستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية؟ أم سيستشعر بعض من مهندسي تلكم الإشارات الضوئية سُوء عملها، ليعملوا مشكورين على تصحيح وضعها، أو بإزالتها نهائياً- وهو الأفضل طبعاً - لترتاح أعصابنا من كدر الانتظار وإضاعة وقتنا المصنوع من ذهب الحياة؟