ربما من أكبر الدوافع التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية للتحالف ضد الإرهاب في العالم هو إفلاسها ودينها العام الذي تجاوز حجم الناتج القومي الأًمريكي، فحملتها الأخيرة عبارة عن جمع تبرعات من حصالات المسلمين وخزائن الدول العربية لإنقاذ اقتصادها المهشم بفعل التآكل الحاصل جراء فشل استمرار النظام الرأسمالي العالمي بقوانينه المجحفة بحق الدول والشعوب الأخرى.
جاءت أمريكا والغرب بداعش فزرعوها هي وغيرها من المنظمات الإرهابية في عمق دولنا العربية، ثم طالبوا عبر ابتزازنا أن ندفع لهم ما يريدون من المليارات التي تشبع خزائنهم وإلا. نعم، وإلا سنطلق يدها لتنهشكم وتدمر بلدانكم، ولأننا لا نملك خيار الرفض، وكلنا يعرف السبب في ذلك، قبلنا نحن العرب الدخول في تحالفات دولية لجمع المليارات للدول المتضررة مادياً كأمريكا والغرب، أما نحن فإن بعبع داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية التافهة مازالت تلاحقنا حتى في الأحلام.
إن مقدرات الدول العربية وجيوشها قادرة على دحر داعش وغيرها في أسبوع، وبقدراتنا المحلية والوطنية فقط، لكن هذا الأسبوع لن يكون وقتاً كافياً لعلي بابا والأربعين حرامي كي يملؤوا خزائنهم من خيراتنا وثرواتنا، ولهذا قالوا بأن القضاء على الإرهاب يحتاج إلى ثلاثة أعوام كاملة أو أكثر، كل ذلك يعتمد على حجم تمدد ملياراتنا لهم لا حسب تمدد داعش كما يزعمون.
حين تنهب أمريكا والغرب ثرواتنا بهذه الطريقة فإنهم لا يعدون في كونهم مجموعة من عصابات المافيا الدولية وقطاع الطريق العالميين، لأننا دفعنا لهم الجزية عن يد ونحن صاغرون. لقد صوروا داعش وكأنها دولة عظمى، ومن أراد التخلص من هذه الدولة المعادية للعرب والمسلمين ما عليه إلا أن يزيد من تبرعاته وزكواته لبيت المال الأمريكي، ولأننا أكثر ضعفاً مما يتصور الغرب وقعنا على دفع تلكم الحقوق الشرعية لأمريكا وإلا..!
قوات التحالف الدولي تقصف من السماء بطائراتها داعش، بينما داعش تتمدد على الأرض، وهذا يعني أن هنالك مؤامرة صريحة ضدنا، ولربما يعلم بها كل العرب لكنهم لا يستطيعون حرف القرار الغربي عن هدفه ومساره، ومن هنا فإن من يتمدد هي أمريكا وليس داعش.
داعش مجرد فزاعة لجباية الخراج، فالحرب المعلنة ضدنا وعلينا أكبر من ألف داعش، فالأخيرة تحارب عن الأولى بالوكالة والأولى تستغل الأخيرة لتنفيذ مؤامراتها الكونية بإتقان، أما الضحية الحقيقية لهذه المعارك الوهمية هم العرب.
حين تطالب أمريكا العرب وفي ظل الظروف الاقتصادية المهلهلة في العالم بدفع 500 مليار دولار، سيكون من الصعب أن تستمر أدوات الرفاهية العربية لفترات طويلة، بل وحسب أحد المحللين الاقتصاديين سيكون من المستحيل أن تدفع حكومات الدول العربية رواتب موظفيها كل شهر، فالحرب القادمة هي حرب مال دماء وليست حرب ماء.