من آخر ضحايا «عضة» داعش المميتة، مراهق سعودي بعثه أهله للدراسة في أستراليا، طمعاً في عودته إليهم شاباً ناجحاً مسلحاً بالعلم، لكن الشاب الصغير لحق بمصاصي الدماء الدواعش. الشاب السعودي (مشعل) كما كشف أخوه محمد لـ»العربية نت» انضم لجماعة «داعش»، وتبين لأسرته ذلك بعد أسبوعين من اختفائه. وبعد تواصل الأسرة مع سفارات السعودية لدى أستراليا وماليزيا وتركيا والإمارات. وقال شقيقه: «الولد صغير في عمره، بعثناه من أجل الدراسة على حسابنا، وبعد 3 أشهر انضم لبرنامج خادم الحرمين للابتعاث، وأكمل 6 أشهر ثم اختفى».
ما جرى مع الفتى السعودي مشعل، جرى مع آلاف الفتيان والفتيات حول العالم، من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، إلى روسيا، وطبعاً البلاد العربية قاطبة، كلهم انساقوا كالنومى السائرين لتعاويذ وتهاويل «داعش»، رغم كل التشديدات الأمنية، والهجمات الإعلامية والمواعظ الدينية، وآخر ذلك المراهقتان البريطانيتان الصوماليتان (زهرا وسلمى 16 عاماً و15 عاماً).
ما سر جاذبية «داعش»، ويسر التجنيد هذا؟!
نعم هناك علل في الثقافة الدينية الحاكمة حول موضوع الجهاد والخلافة والشرعية والشريعة، لم يصل المسلمون فيها إلى كلمة سواء، وتنشط جماعات تستغل المشاعر الدينية هذه للتأجيج والتهييج. هذا صحيح، ولكنه ليس جديداً، فهي علل قديمة بقدم الاحتكاك الإسلامي بمفهوم الدولة والوطنية والمواطنة وفكرة العلاقات الدولية والسلام العالمي. الجديد هو يسر وتدفق وسهولة التجنيد، خاصة لدى فئة الشباب، فهل هذا كله بسبب إتيان خطاب «داعش» بشيء لم يقله رموز الإسلام السياسي من قبل؟
موضوعات الخلافة والجهاد، من صميم طرح جماعة الجهاد المصرية وحزب التحرير والإخوان من قبلهم، ربما ما ميّز «داعش» هو تجسيد هذه الشعارات على الأرض، واقتطاع جغرافيا دول تطبق فيها «داعش» خيالاتها وخيالات الحالمين معها حلم الموت من شباب وشابات. أجزم أن السبب المباشر في سهولة تجنيد أمثال مشعل والمراهقتين الصوماليتين، سلمى وزهرا، مثلاً، هو «خلوة» داعش بهم من خلال «تويتر» ومقاطع «يوتيوب». وإلا فكيف يتسنى لشاب غرّ وفتاة ساذجة أن تجد طريقها للوصول إلى الرقة في سوريا وريف الموصل؟!
في تقرير مميز للزميلة رنيم حنوش، هنا، معلومات مثيرة عن استثمار «داعش» لـ «تويتر» و»يوتيوب»، مما جاء فيه إشارة لمقابلة الرئيس الأمريكي أوباما مع شبكة «سي بي إس نيوز» ذكر فيها أن مسؤولي الدعاية في تنظيم «داعش» أصبحوا «ماهرين للغاية» في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، واستقطبوا مجندين جدداً من أوروبا وأمريكا وأستراليا وغيرها.
نيد برايس الناطق باسم البيت الأبيض قال: «البيت الأبيض وجهات حكومية ووكالات أخرى معنية جميعها بالتعاون مع وسائل التواصل الاجتماعي لحذف أي مواد قد تهدد الأمن الوطني الأمريكي». «يوتيوب» منح صلاحيات واسعة للحكومات، لحذف المواد المخالفة أمنياً. ولم تقم شركة تويتر بما قام به يوتيوب. الزبدة: يجب فوراً، في السعودية خاصة، كبح جماح «تويتر الداعشية»، حتى لو تضايق شعراء الحرية.
عن «الشرق الأوسط»