الشأن الاقتصادي والاجتماعي العام وما يحتويه من استراتيجيات وسياسات وأهداف وتطورات متلاحقة، يحتاج بالطبع إلى نواب وإلى أعضاء في السلطة التشريعية يتمتعون بالمعرفة والكفاءة والخبرة التي تؤهلهم للتصدي لهذه الملفات، والمقدرة على استيعابها والتعامل معها بالمناقشات وبتقديم الأسئلة والاستجوابات التي تصب في نقد وبلورة وتصحيح مواقف وسياسات الحكومة منها.كما تحتاج إلى أعضاء سلطة تشريعية يدخلون أبوابها متسلحين بالبرامج وليس بالتمنيات والوعود والتفاخر «بالاستقلالية»، وبما أن الأفراد لا يمكنهم أن يتقدموا ببرامج، وإن تقدم أحدهم أو بعضهم بها فلن يستطيع الالتزام بها أو تنفيذها، وذلك لأن البرنامج يحتاج إلى موقف وإلى دعم وتصويت جماعي، وأن الفرد الذي يفاخر هذه الأيام على أنه «عضو مستقل»، ما أن يدخل البرلمان حتى يذهب للبحث عن من ينسق أو يتحالف معه على أمل أن يلقى الدعم والمساندة لما قد يطرحه.ولهذا أيضاً نجد أن الأحزاب هي التي تتقدم الانتخابات في الدول الديمقراطية والتي تسمى انتخابات القائمة، وفي دول أخرى يؤخذ بنظام الانتخابات المختلطة النسبية حيث تخصص النسبة الأكبر لقوائم الأحزاب ونسبة أخرى للأفراد على أن يجتمع هؤلاء في قوائم خاصة لا تقل عن خمسة أفراد ويتقدمون ببرنامج مشترك ومتوافق عليه بينهم.فالمرشحون الذين ينتمون إلى الأحزاب هم الأكثر مقدرة على إعداد البرامج والالتزام بتنفيذها في المجلس والمحاسبة عليها أمام جماهير الناخبين في ختام الفصل التشريعي، وكلما كان الحزب عريقاً بما لديه من كوادر ضليعة بالشأن السياسي والاقتصادي الاجتماعي كان أكثر قدرة على مجابهة المسؤولين عن ملفات الشأن العام، والعمل وسط فريق من أصحاب الخبرة والإنجاز.وبالنظر لحساسية الملفات المشار إليها وارتباطها المباشر بمصلحة الوطن والمواطن، وهي مصالح يتم مواجهتها عادة بالمصالح الشخصية، والإغراءات المرتبطة بتحقيق المصالح الخاصة، الأمر الذي يشترط في عضو السلطة التشريعية تمتعه بالنزاهة وبعده عن الفساد، وهذا أيضاً لا يتحقق إلا في العضو الذي ينتمي لفريق حزبي ومحصن ضد إغراءات الفساد المالي.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90