اختلفت البحرين كثيراً عن جميع البلدان التي شهدت احتجاجات متعددة منذ ديسمبر 2010، وسبب ذلك الحكمة التي تتمتع بها النخبة الحاكمة، وآليات العمل بموجب المؤسسات الدستورية القائمة التي تم تأسيسها بتوافق شعبي عام في 2001.
لذلك البحرين الآن هي الأكثر استقراراً من بين البلدان العربية التي شهدت احتجاجات وأزمات خلال الفترة الماضية، والبحرين الآن هي الأكثر إصراراً على مواصلة تحولها الديمقراطي بما توافق عليه شعبها مع قيادته منذ ميثاق العمل الوطني مروراً بالتعديلات الدستورية الأولى والثانية، وها هي الآن تقترب من رابع استحقاق برلماني في تاريخها الديمقراطي الحديث.
الظروف المعقدة والصعبة والتدخلات الخارجية عانت منها البحرين كما عانت منها مجموعة من البلدان العربية، ولكن الأخيرة اختارت في النهاية خياراً قاسياً بالحرمان والعزل السياسي لجماعات متطرفة، وجماعات إرهابية، وكذلك شخصيات لها أفكارها ورؤاها السياسية، فجميعها أقصيت وحرمت من المشاركة في العملية السياسية. البحرين اختلفت عن تلك الدول، ولم يكن وارداً في خياراتها الحرمان والعزل السياسي أبداً لأن الحكمة هي التي تتحكم بالموقف. ومع هذه الحكمة هناك من يصر على تجاهل مصالح مكونات المجتمع، ويتطاول عليها تحت مسمى «الإصلاح السياسي»، وهو يحاول أن يتناسى كيف قاد المجتمع إلى حالة مقززة من حالات الاحتراب الطائفي النادرة في تاريخنا، ويعود مجدداً الآن ليحاول المساس بديمقراطية الشعب التي اختارها بإرادته الحرة.
الحكمة ليست مطلقة، بل لها حدود، ولا يعني ذلك إمكانية السماح بتجاوز القانون، بل الحكمة تقتضي محاسبة من يحاول تحدي القانون وتحدي هيبة الدولة مهما كانت الظروف والمبررات. ولابد لنا أن نعذر من كان خياره بيد الآخرين، وكان خياره خارج وطنه، فهو يعاني الاستبداد والتبعية، ولا يمكن أن يتجاوزها!