مع فتح باب تقديم الترشح للانتخابات النيابية والبلدية القادمة، ومن اليوم الأول، تدفق العشرات من البحرينيين لتسجيل أسمائهم في مراكزهم الرئيسة في كل المحافظات، ولربما بان جزء كبير من الصورة العامة للمترشحين المتقدمين، وقد تستقر الصورة على ما هي عليه من الأسماء، مع تغيير طفيف في طبيعتها، انتظاراً لما ستفرزه بعض الجمعيات السياسية المشاركة من أسماء، ولا نتوقع أن تكون هنالك مفاجآت.
في الديمقراطية ليس هنالك ما يمنع ترشح أي فرد من أفراد المجتمع للوصول إلى المقعد النيابي أو البلدي، فهذه مساحة مفتوحة للجميع للمشاركة والترشح في الانتخابات البحرينية، لكن ومن خلال التجارب النيابية السابقة، يتضح أن هنالك بعض العناصر من المترشحين ليسوا على درجة عالية من الإمكانات التي تؤهلهم ليدخلوا المجلسين، وهذا يؤثر بطريقة مباشرة وواضحة على أداء المجلس في الأعوام القادمة، فكلما كانت العينات المؤهلة للفوز ضعيفة وغير قادرة على العطاء، فإننا أمام أربع سنوات عجاف، ومن هنا يجب أن يكون تنحي بعض الوجوه غير القادرة على صنع الفارق في المجلسين أمراً ينبع من الالتزام بالمسؤولية الوطنية، والتي تعني أن تكون مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الشخصية.
إن دخول سباق الترشح ومن ثم الفوز وبعدها دخول المجلس، لا يعتبر نزهة في حديقة عامة، فهي مسؤولية وطنية ومهمة في غاية التعقيد، فمن لم يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على العطاء، يجب أن ينسحب من الآن، ليعطي المجال للقدرات البحرينية التي يمكن أن تصنع مستقبلاً أكثر إشراقاً في المجلسين.
في المقابل يجب أن يدخل المجلس من يجد في نفسه الكفاءة العلمية والعملية إضافة للمؤهلات التي تقوده للفوز في الاستحقاقات النيابية القادمة، حتى يقطع الطريق أمام كل متسلق من الوصول إلى الفوز في انتخابات ربما ترسم المستقبل لهذا الشعب.
نحن ننصح كل الوجوه التي دخلت المجلس في الأدوار السابقة ففشلت في تقديم ما يمكن أن يكون نتاجاً حقيقياً لإثراء التجربة البرلمانية والبلدية، أن ينسحبوا من هذا السباق، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، فليس العيب في أن ينسحب من أثبت فشله الصريح في العطاء من خلال التجربة البرلمانية السابقة، بل العيب كل العيب أن يستمر ويصر على البقاء، لتعطيل دخول كل المستحقين للتجربة، وتعطيل كل الاستحقاقات السياسية القادمة كذلك.
كما ننصح هنا، كل الجمعيات السياسية المُشَارِكة في خوض غمار الانتخابات النيابية والبلدية، أن تقوم بعملية غربلة وتصفية قوية وصادقة لمن ترغب في اختيارهم من طرفها للوصول إلى المجلسين، بعيداً عن المحاباة والمجاملات السياسية والدينية.
إن قدرة التمييز لدى الناخب البحريني أصبحت قوية جداً ومتجددة، خصوصاً بعد أن مرت التجربة البرلمانية بمخاضات طيلة 12 عاماً، استطاع من خلالها أن يميز الخبيث من الطيب، ولهذا فإن كل الألاعيب باتت واضحة ومكشوفة أمام أعين الناخبين، كما إننا نتوقع وبصورة أولية، ومن خلال الاستقراء والاستفتاء والاستبيان الذي أجرته صحيفة الوطن مؤخراً مع الجمهور حول الانتخابات النيابية والبلدية السابقة والحالية، أن الضعيف من المترشحين لن يستطيع الوصول إلى هدفه، وهذا هو «الانتخاب / الاصطفاء الطبيعي» في عالم السياسة، وهذا هو المؤمل من الجمهور الواعي والمدرك بأهمية المرحلة القادمة. أن يختار الشخص المناسب في المكان المناســب.