بدأت دول مجلس التعاون الخليجي منذ مطلع الثمانينات جهوداً طويلة المدى من أجل تحقيق الوحدة والتكامل فيما بينها. ورغم أن الطموح كان كبيراً، إلا أنها اعتمدت على تحقيق المواطنة الخليجية من أجل الوصول إلى المرحلة المطلوبة.
المواطنة بمفهومها البسيط تقوم على مجموعة من الحقوق التي يكتسبها المواطن، والواجبات أو المسؤوليات الملقاة على عاتقه تجاه مجتمعه وتجاه دولته. وبالتالي ترتبط المواطنة بالعلاقة بين المواطن والدولة التي ينتمي إليها بالجنسية التي يحملها.
ومادام كل مواطن خليجي يتمتع بالمواطنة في بلده، كانت التفاهمات الخليجية هي بكيفية تكوين مواطنة خليجية بحيث يتمتع كل مواطن بحقوق المواطنة في كل بلد خليجي من الناحية القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فالمواطن العماني يعامل معاملة المواطن الكويتي في الكويت، والسعودي يعامل معاملة البحريني في البحرين.. وهكذا.
آلية تكوين المواطنة الخليجية ليست ابتكاراً خليجياً جديداً، بل هي موجودة في دول الاتحاد الأوروبي، ومن أشهر الاتفاقيات القديمة نسبياً في القرن العشرين لتحقيق مواطنة مشتركة، تلك الموقعة بين بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ في العام 1958، وتم بموجبها منح رعايا هذه الدول الحرية في التنقل والإقامة والسفر وممارسة التجارة، والحصول على الحقوق المدنية والحماية القانونية لهم ولمصالحهم في هذه الدول الثلاث.
خليجياً، فإن أهم اتفاقية خليجية مشتركة لتحقيق مفهوم المواطنة الخليجية هي الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في ديسمبر 2001 بالعاصمة العمانية مسقط، وتشمل المساواة بالمعاملة في التنقل والإقامة والعمل والاستثمار والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. وبموجب هذه الاتفاقية أقرّت العديد من المشاريع ومنها توحيد خدمات الاتصالات، وشبكة الطاقة الخليجية (الكهرباء والماء)، واعتماد بطاقة الهوية في التنقل والإجراءات الرسمية، بالإضافة إلى السماح بممارسة الأنشطة الاقتصادية المختلفة من أجل تشجيع الاستثمار الداخلي بين دول مجلس التعاون. وكذلك مد مظلة الحماية التأمينية على مواطني دول المجلس.
هذا هو الخيار الاستراتيجي الخليجي، الذي ينبغي أن ينتقل فيه كل مواطن في دول المجلس من مواطنة بلده إلى مواطنة خليجية مشتركة تعد المظلة الأكبر.
وبناءً على هذا المطلب وكل الجهود التي بذلك، فإنه ليس منطقياً أن يُطلب من مواطني الخليج التخلي عن مواطنته الأساسية لصالح مواطنة أخرى لدولة أخرى مادام هدف جميع دول المجلس الوصول للمواطنة الخليجية.. لأنه في هذه الحالة لن يدعم توجهات المواطنة المشتركة، بل سيساهم في إضعاف المواطنة الخليجية.