حتى كتابة هذا المقال؛ كانت التطورات السياسية والأمنية بل والعسكرية تتسارع في الجمهورية اليمنية في ظل حصار مليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء بذريعة رفع أسعار الوقود واستغلال الظروف المعيشية التي يعيشها المواطنون ودغدغة مشاعرهم واستمالتهم بالوقوف معه في وجه ما يسميها اليمنيون «الجرعة»، والمطالبة بالتراجع عنها وإقالة الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وهذا هو كما يقال «عذر أقبح من ذنب»؛ حيث استغل الحوثي وأنصاره قرارات الحكومة التي جاءت متسرعة وفي وقت تموج فيه البلاد في أزمة سياسية ليركب موجه الدفاع عن الشعب، ويتمكن من إحكام سيطرته على العاصمة السياسية لليمن، وبالتالي سقوط الدولة بيده ليتم التحكم بها من طهران كما هو الحال في العراق.
الرئيس عبدربه منصور هادي أكد الاستعداد لمواجهة الحوثي في حال اندلعت حرب سابعة معه، معتمداً على القبائل التي يرى أنها قد تمثل طوقاً أمنياً حول العاصمة، وكان الأحرى بالرئيس أن يأمر قبلها بإغلاق منافذ صنعاء قبل دخول المجاميع الحوثية للشوارع والحارات والتمترس وانتظار ساعة الصفر للانقضاض على الدولة وسرقة اليمن بأكملها، ما قام به هادي هو طرح مبادرة اللحظة الأخيرة في محاولة التوصل لحل سياسي يرضي جميع الأطراف بما فيهم الحوثة، الذي تم إرسال وفد رفيع لزعيمهم عبدالملك الحوثي ليطرحوا عليه المشاركة في حكومة وحدة وطنية مع التأكيد على عدم الاستجابة والتراجع عن رفع أسعار المحروقات، والذي ترى الحكومة بأنه ذلك سيؤدي لانهيار الدولة.
إن جميع اليمنيين يضعون أيديهم على قلوبهم وهم يتابعون أخبار بلادهم تتواتر بتصعيد مخيف وسط العاصمة في ظل أنباء عن مغادرة مئات العائلات خشية الحرب التي ستندلع بين الحوثي والدولة، حتى أن بعض الدول الغربية دعت رعاياها لمغادرة اليمن كل ذلك ينذر بأن البلاد على شفير لا سمح الله حرب أهلية لا نعلم إذا ما اندلعت متى ستتوقف وكم من الضحايا من الطرفين سيكون في استهداف طائفي، كما هو في العراق حالياً، من هنا لابد من كل اليمنيين بما فيهم جماعة الحوثي أن يحكموا العقل ويضعوا اليمن ومصلحتها نصب أعينهم وأن لا ينجروا خلف أية أجندات خارجية لا تريد الخير لليمن وبعدها لن ينفع الندم والحسرة إذا ما اشتعلت الشرارة الأولى لحرب حتماً ستطحن الجميع في طاحونة ودوامة الخاسر فيها الوطن والمواطن.
كما إن المسؤولية التاريخية تقع على دول مجلس التعاون المجاورة لليمن، خصوصاً المملكة العربية السعودية، التي استطاعت بمبادرتها الخليجية الشهيرة أن تجنب اليمن ويلات وأتون حرب أهلية كادت وشيكة، وبالتالي يجب أن يكون لها موقف فيما يدور الآن من أحداث والوقوف بوجه من يعرقل العملية السياسية وفق المبادرة، وتداولت أخبار بأنه الرئيس هادي أرسل وفداً إلى سلطنة عمان للقاء السلطان قابوس ليتدخل ويتوسط لدى الحوثيين الذين يطوقون صنعاء على أمل أن يتم حلحلة الاحتقان السياسي الذي تعاني منه اليمن.
- همسة..
إن سيطرة الحوثي على صنعاء هو مفتاح لتصدير الثورة الإيرانية للخليج وبالتالي على دول الخليج أن تقف مع اليمن لردع الحوثيين ودحرهم والقضاء على فلولهم لتكون رسالة مبطنة للنظام الإيراني القابع في طهران وإلا فإن أمن دول مجلس التعاون سيكون في خطر إذا ما نجح الحوثي في تمرده على الدولة!