لأن التفاؤل درجات؛ لذا أجد حتى بين المتفائلين من يرى أني أبالغ في تفاؤلي بتحسن الوضع في البحرين قريباً، وحصول تغير إيجابي لصالح الجميع من دون استثناء، فلماذا كل هذا التفاؤل وسط كل هذا الذي يحدث من أعمال التخريب والفوضى، وما يمارسه البعض من إزعاج ومهاترات وتصعيد وتهديدات يطلقها «قياديون» رغم علمهم أنهم دون القدرة على تنفيذ ولو جزء بسيط منها؟
سؤال مهم يستدعي أولاً التأكيد على أني لست الوحيد المتفائل إلى هذه الدرجة، فهناك من هو متفائل أكثر مني، وبالإضافة إلى طبيعتي المتفائلة وإيماني بمقولة «تفاءلوا بالخير تجدوه» فإني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى لن يخذل هذا الوطن وأهله الطيبين الذين عانوا في السنوات الثلاث الأخيرة وصبروا على الأذى، كما أني على ثقة بأن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يمتلك من الصفات ما تعينه على إيجاد هامش يستوعب كل أخطاء الآخرين ولديه القدرة على نسيان الإساءة والعفو عن المسيء أياً كانت درجة الإساءة ونوعها، ولولا هذه وغيرها من الصفات الموجبة التي يتميز بها صاحب الجلالة لكانت الأمور اليوم مختلفة.
فإذا أضفنا إلى كل هذا ما يمتلكه صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة من خبرة ودراية وحكمة وقدرة على التعامل مع مختلف المتغيرات وما يميز صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة من عزم وروح شبابية، فإن التفاؤل بتغير المشهد المحلي في محله وليس فيه مبالغة.
منطقياً لا بد ممن أخطأ في حق الوطن والقيادة أن يعتذر ويبدي أسفه عما بدر منه وما يعتبر قانوناً وعرفاً تجاوزاً، ومنطقياً لا بد ممن أساء للوطن ووضع يده في يد الأجنبي يستقوي به أن يعلن توبته ويتعهد بعدم تكرار مثل هذه الأفعال الشنيعة، ولكن لأن لجلالة الملك صدراً لا يضيق بالآخرين ويستوعب أخطاء الجميع فإنه ليس بمستغرب أن يتكرم جلالته بإيجاد صيغ أخرى لتحقيق هذا الأمر تحفظ ماء الوجوه وتبعد ما يستوجبه المنطق عن أن يظل سبباً للتوتر.
تعلمنا من صاحب الجلالة وعضيديه سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد أن نوجد للآخرين عذراً وأن نوجد هامشاً نستوعب فيه أخطاء الآخرين، فتميزنا بهذا عن كثير من الشعوب التي يصعب عليها تطبيق المثل العربي الشهير «اتخذ لصاحبك العذر»، لذا فإنه لن يكون مستغرباً تجاوز جلالته وعضيديه عن الكثير إعزازاً للوطن وتعبيراً عن الحب لهذا الشعب الذي وإن وقع بعضه في وزر الخطأ، إلا أنه يظل جزءاً من الشعب لا يمكن الفكاك منه ولا الاستغناء عنه.
تفاؤلي سببه الإيمان بالله أولاً وبأنه سبحانه إنما يريد لهذا الوطن الخير، وثقتي بأن جلالة الملك لا يرضيه كل هذا الذي يحدث، وكذلك قراءتي التي تدفعني للقول إن الدولة مقبلة على سلسلة من الخطوات التي ينبغي من الأطراف ذات العلاقة بالشأن المحلي أن تستغلها جيداً وتجيرها لصالح الوطن ومستقبله، فعلى الجميع اليوم أن يتحمل المسؤولية التاريخية كي يعود هذا الوطن إلى دوره في الإسهام في فعل الحضارة ومسيرة الحياة الإنسانية.
تفاؤلي يدفعني إلى إعادة القول بأن الكثير من القرارات الجميلة والمشروعات كبيرة المردود سيتم الكشف عنها قريباً، فما يتوفر من مؤشرات يعينني والمتفائلين على الإعلان عن تفاؤلنا من دون تردد.
يقول العرب أيضاً «اشتدي يا أزمة تنفرجي»، وليس بعد هذا الاشتداد اشتداد، لذا لا بد من أن نرى الفرج قريباً، وكما أنه بعد موجة الحر الشديد التي تجتاحنا هذه الأيام سيأتي ما ينسينا أغسطس، كذلك سيأتينا من القرارات ما يمسح على قلوبنا جميعا وينسينا ما مررنا به من آلام وأيام عسيرة.