اقترح علي أحد الأصدقاء أن أسوّق لكتابي «كلمة أخيرة» الذي يضم بين طياته مقالات جمعت من أغسطس 2010 إلى يوليو 2013 و هو عمر الأزمة في البحرين، أن أسوّقه عند عشر مؤسسات خاصة أو حكومية كي تشتري الواحدة منها 100 نسخة فأبيع الطبعة الأولى منه بسهولة خاصة إذا نوهت أن ريع البيع لصالح صندوق أسر شهداء الواجب، رفضت لأنني أريد أن يقتنيه البحريني الذي يرغب في أن يحتفظ بمكتبة بيته ما يوثق ما حدث لنا وما حدث للبحرين له وللأجيال القادمة من بعده .. بل إن الإهداء الذي كتبته لأصدقائي (بعد أن أخذت عشرة دنانير منهم) هو «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين» ... جاء هذا الكتاب حتى لا ننسى.... مع خالص تحياتي، ولا يهمني أن يقتنى الكتاب للمجاملة.
هذا تاريخ وتلك أحداث حفرت في صدورنا وأثقلته جراحاً ودروساً دفعنا ثمنها غالياً لا يجب أن تنسى أوتزال مع زوال أثرها، هي درس تاريخي وحق الوطن علينا أن نوثقه ونثبته ونحفظه.
ليس الهدف هو جمع المال لأسر الشهداء فقط، بل الهدف هو أن يكون لدينا في كل بيت ما نعود له لنذكر كيف مرت علينا هذه السنوات كي نستوعب الدرس كي ننهض كي تعرف الأجيال القادمة كيف حمى شعب البحرين هذه الأرض وتصدى لأكبر مؤامرة مرت على البحرين.
فرغم وجود عدد من المؤرخين البحرينيين إلا أن الغالبية تبتعد عن مهمة التأريخ والتوثيق لمجريات التاريخ المعاصر، طلباً للسلامة ربما من بيئة طاردة للاختلاف، غير قابلة للرأي والرأي الآخر، والتأريخ في النهاية هو استعراض لأحداث جرت من الزاوية الخاصة برأي «المؤرخ»
المقالات الصحافية وإن كانت عبارة عن رأي خاص «للكاتب» في الأحداث التي تدور وأدواته في هذه الحالة قد لا ترقى إلى استحقاقات التأريخ، إلا أنها تظل وسيلة توثق لتلك الأحداث من إحدى الزوايا كما توثق موقف الكاتب منها في ذات الوقت. وإن كان إبداء الرأي في الحدث اليومي يعد مجازفة في حينه، فما بالك وأن تختار توثيق ذلك الرأي للتاريخ، فإنها مجازفة أكبر.
لذلك فإن تجميع المقالات التي تتناول الحدث في البحرين في فبراير 2011 لن يبدأ من ذلك التاريخ، بل سيعود إلى الستة الشهور التي سبقتها، ليراقب القارئ بِمَ كانت البحرين مشغولة حينها؟ وماهي الأجواء التي سبقت «الثورة» المزعومة في البحرين؟ وهل هي مهيأة لتلك الأحداث؟ لنرى معاً كم كنا غافلين وكيف كنا منشغلين كإعلاميين بالجدل حول كيفية إدارة شؤون الدولة بعد انتخابات المجلسين النيابي والبلدي، وبمكافحة الإرهاب، في حين كان هناك من يخطط للانقضاض على الميثاق الوطني والدستور ويخطط لإسقاط هذه الدولة، حتى قبل ما سمي حينها بزلزال الربيع العربي.
آمل أن يكون هذا الكتاب إضافة متواضعة لتأريخ تلك الحقبة وأداة استشرافية متواضعة لمستقبل هذا الوطن.
و اخترت أن يخصص ريع البيع كله لصالح من أريقت دماؤه ظلماً وعدواناً على ترابنا لحفظ دستوره وحفظ أمنه واستقراره وسيادته، فخصصت الريع كله لصالح صندوق دعم أسر شهداء الواجب وهذا أقل من الواجب الذي مازلنا مقصرين فيه دولة وأفراداً ومؤسسات.
وتفضلت مؤسسة «الوطن» بالتنازل عن حصتها في التوزيع لصالح ذات الصندوق فألف شكر لكل من ساهم في رد الجميل.
الكتاب موجود في جميع أفرع المكتبة الوطنية (شارع المعارض، مدينة عيسى، مجمع السيف) وفي مجمع الستي سنتر في جشنمال وفيرجن، وكذلك يمكن طلبه مباشرة من مؤسسة «الوطن» على هاتف رقم 80001133 قسم التوزيع من الساعة السابعة والنصف صباحاً لغاية الثالثة ظهراً.