في إطار المساعي لزيادة نسبة التوعية بالحقوق الدستورية؛ نواصل في التركيز هذه الأيام على وعي الناخب المشارك في العملية الانتخابية، بحيث يكون أكثر حصافة ودقة، وأكثر صرامة في شأن منح صوته للمترشح الذي يستحق.
ما يلاحظه عديد الناخبين أن هناك تردداً لدى الكثير من المترشحين بشأن وضع الشعارات والوعود على ملصقاتهم وعلى لوحاتهم الإعلانية. توقفوا لحظة هنا، وتذكروا اللوحات التي رأيتموها أو ادخلوا وسائل التواصل الاجتماعي واسترجعوا بعضها، ستلاحظون أن كثيراً من المترشحين لم يكتبوا أية شعارات في ملصقاتهم، بل اكتفوا بالاسم والدائرة والمحافظة والمنطقة ورقم المجمعات بالإضافة إلى ذكر الاسم «كأخوكم فلان أو أختكم فلانة».
دققوا في الإعلانات لتلاحظوا ما قلناه أعلاه؛ بل لمزيد من التنبيه لاحظوا الكثير من إعلانات وملصقات «النواب السابقين» الذين كانوا في الفصل التشريعي الأخير وما سبقه من فصول.
كثير من النواب السابقين تجنبوا وضع شعارات سبق لهم أن وضعوها على ملصقاتهم الإعلامية في انتخابات سابقة.
هذه الظاهرة لا يجب أن تمر عليها يا ناخب.. ويا مواطن مرور الكرام؛ بل تستدعي التوقف عندها، إذ لماذا لا يضع كثير من المترشحين ومن ضمنهم نواب سابقون شعارات رنانة معنية بهموم المواطن في هذه الانتخابات؟!
اليوم هناك مترشحون قلة يتجرؤون على وضع شعارات ووعود على إعلاناتهم الانتخابية، والعملية تكون أسهل بكثير مع من يترشح للمرة الأولى، أو يترشح مجدداً لكنه لم يوفق في دخول المجلس في الفصول السابقة، لأنه سيضع شعارات لن تواجهه بها الناس وتقول إنه طرحها سابقاً ولم ينفذها، بل قد تنتقده وتقسو عليه بالنقد باعتبار أن غيره من نواب سابقين رفعوا نفس الشعارات ولم يفعلوا شيئاً إزاءها.
بعض النواب السابقين المترشحين الحاليين لو وضع شعاراً ستجده يكتب بما معناه «لنواصل المسيرة»، أي أن مهمته النيابية لم تنته وهو يريد أن «يواصل مسيرته» بأصواتكم.
عموماً العملية يمكن ملاحظتها بسهولة جداً، الغالبية تتجنب، بعض المتحمسين يضعون شعارات هدفها ملامسة هم المواطن، وهناك ممن يحب العمليات الانتحارية يكتبونها ولا يهتمون بردة الفعل، كذلك الذي يرفع شعاراً له «رفع الرواتب» وهو في المجلس الأخير حينما كان نائباً وقف «ضد» رفع الرواتب ومرر الميزانية «سلام سلام».
بيد أن الفكرة هنا ليست مرتبطة مباشرة بالشعارات بقدر ما هي متعلقة بكثير من النواب السابقين، الذين بعضهم أخذ يكرر لحن «أسطوانة مشروخة» كرروها على مسامعنا كثيراً خلال الفصول التشريعية السابقة، أخذ يكررها اليوم حتى في مقره الانتخابي، وبعضهم لا يتردد في أن يرد على أسئلة الناخبين مستخدماً هذا «اللحن» المزعج.
أعني هنا أن بعض النواب السابقين كانوا حينما يتم انتقادهم سواء من قبل صحافة أو مواطنين، كانوا يبررون ضعف أدائهم وسلبية مواقفهم بأن «المجلس مسلوب الإرادة»، أو كما يقول بعضهم «الحكومة أقوى وتسوي اللي تبيه»، أو كما يقول بعض آخر «ما عندنا صلاحيات»، كانوا يردون بهذه الأعذار التي لا تصدر إلا عن «ضعيف» حينما يطالهم النقد، وكنا نرد عليهم هذه التبريرات بأن المعترف بـ «عجزه» أقل ما يفعله -احتراماً للناس الذين وثقوا به- أن يستقيل، أو إن أراد المواصلة أن لا تأخذه في الحق لومة لائم.
الكارثة اليوم أن هناك من المترشحين من قال هذا الكلام يوماً، من أشار بإصبعه للبرلمان الذي يتنعم بمزاياه، وقال إنه «عاجز» عن فعل شيء، الكارثة أنه نفسه يجلس في مقر انتخابي يحدث الناس ويعدهم بنفس الوعود التي قال عنها حينما وصل إنه «عاجز» عن تحقيقها، بل بعضهم يعترف بأنه سيعجز أمام سجالات السلطة التنفيذية أو بقية النواب بالأخص محبي «شاي الضحى مع الوزراء»، لكنه مع ذلك يترشح مجدداً، مع ذلك يعلن نيته الدخول مرة أخرى للبرلمان، بل بكل «عين قوية» يعيد نفس الشعارات والوعود.
الفكرة هنا تتمثل في أن من يعترف بـ «عجزه» لماذا يدخل مجدداً؟! من يقول إن البرلمان لا يمكن أن يغير شيئاً، فلماذا يدخل مجدداً؟! طبعاً البرلمان لن يغير شيئاً طالما فيه من نفس طينة هؤلاء البشر، إذ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما فيهم.
أتذكرون قبل أيام كتبنا المثل الدارج الشهير «يا وجه استح»؟!
هؤلاء العاجزون وأقوياء العين المصرون على «مص» أصوات الناس مجدداً، هم من لا وجه لهم حتى يخجلوا ويستحوا. وبالتالي من قال لك يا مواطن إن «البرلمان عاجز»، هذا لا تصوت له ولا تكترث به، فإن كان البرلمان عاجزاً فهو ومن مثله هم أسباب العقم والفشل والعجز.