مشكلة كبيرة حينما يحاول البعض أن يقنع الناس ويؤثر على الرأي العام بأن اقتصاد البلد سينهار، والعجوزات ستتضخم، لو تم منع الخمور وإغلاق المراقص والتصدي للسياحة الرخيصة، هذا إن جاز لنا أصلاً تسميتها بـ»سياحة» عوضاً عن كونها فجوراً ودعارة باسم السياحة!
رد الفعل الحاصل على القرار المتخذ من قبل الجهات الرسمية المعنية بالسياحة بشأن فنادق الثلاث نجوم، رد فعل طبيعي لأصحاب أعمال يرون فيها تضرراً مالياً لتجارتهم وتأثراً رقمياً بالسالب لمداخيل الأرباح المحققة. وهذا هو السبب الرئيس ولا شيء غيره، أي بالبحريني الصريح: الكلام عن التأثير على سمعة البحرين وحركة السياحة والدخل القومي «كلام مأخوذ خيره»!
نعم هي مصالح ستتضرر، لكن في المقابل هناك أقلها عملية تصدٍّ بالقانون لكثير من الممارسات الخاطئة التي تتم تحت مسمى السياحة وتؤثر على سمعة البحرين، إذ للأسف باتت بلادنا وهي بلد الناس الكرماء أصحاب الأخلاق الفاضلة الرفيعة وبلاد فيها الموروثات والعادات والتقاليد الأصيلة وقبلها بلاد أغلب أهلها ملتزم دينياً أو أقل القليل بتعاليم الإسلام من فضائل وأخلاقيات، باتت للأسف بلادنا معروفة بشهرة غير طيبة، وتحديداً لدى جيراننا في الخليج الذين يأتي كثير منهم لنا في عطلات نهاية الأسبوع وهدفه هذه المواقع التي تبيع الخمور وتكثر فيها المراقص وغيرها من أمور لا أخلاقية تتم وفق مبدأ العرض والطلب، وارفع السعر أو نزله!!
رفع اقتصاد البلد لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة، وحتى التذرع بأن الاقتصاد سيتضرر بشكل مهول مسألة لا تبلع بسهولة. فليست البحرين «لاس فيغاس» التي تقوم على الملاهي والمراقص والكازينوهات، رغم أنه -وللمفارقة- فإن مدينة «الخطايا» الأمريكية هذه ليست سياحتها بنسبتها المطلقة تقوم على هذه الأمور باعتبار أن هناك وسائل ترفيه ومتعة أخرى غير مرتبطة بالمقامرة أو السكر أو المراقص أو بيع الأجساد.
نحن بحرينيون ونعرف بلادنا تماماً، وهنا نعرف تماماً أن غالبية البحرينيين لربما تكره حتى المرور بالسيارة في شارع المعارض أيام عطل نهاية الأسبوع. هناك من لا تتحمل أعصابه أن يمر بسيارته في الشوارع الفرعية الموازية لشارع المعارض بمنطقة الحورة لهول ما يراه، سواء ازدحام سيارات متنوعة الاختلاف في لوحاتها، أو بعض البشر الذين يتمشون بالأخص الإناث من الجنسيات التي اشتهرت بكثرة وجودها في الفنادق والشقق والبارات والمراقص. والله يدمي القلب أن نرى حال بلدنا يصل لهكذا مستوى.
وعليه فإن القرار مبرر له هذا التفاعل الإيجابي الكبير من شرائح المجتمع كافة، لأنه يتلاقى مع رغبة البحرينيين في رؤية بلادهم بصورة مشرفة، لا صورة مزعجة مخجلة، خاصة وأن الحال بلغ أيضاً وضعاً مؤسفاً بالفعل. كما قلت خذوا لكم «لفة» في شارع المعارض في غير أيام رمضان وتحديداً في عطل نهاية الأسبوع أو جربوا فقط دخول بعض الفنادق ذات التصنيف المتدني لتروا ما يشيب له الرأس.
هنا قد يخرج البعض ويقول: «حرية شخصية، والله يحاسب كل شخص على فعله هو». ونجيب بأن: نعم الله سيحاسب كل شخص على فعله، لكنها أبداً ليست حرية شخصية تلك التي تتطاول على حريات الآخرين. بالتالي من أراد أن يشرب ويعربد يمكن له ذلك في مكانه وبيته رغم أن هناك قانوناً للآداب يتماشى مع قوانين البلد وتشريعاتها التي تعتبر القرآن الكريم وتعاليمه جزءاً منها، لكن في جانب آخر، هذه الأفعال المعلنة ضررها يكون عاماً، يقع على البلد بأسره والمواطنين فيه وكثير منهم لا يستسيغ ولا يقبل بهذه الأمور التي تنافي الدين وعادات المجتمع.
في البلدان الغربية والتي يعتبر شرب الخمر فيها وانتشار المراقص -حتى مراقص التعري- شيئاً عادياً، لا يبنون اقتصادهم ومداخيلهم القومية على هذا النوع من السياحة الرخيصة. نعم هذه الأمور لها جمهورها لكن بمقارنتها مع المشاريع السياحية الضخمة والفعاليات الترفيهية والعروض الترويجية للأفراد والعائلات هي لا تمثل شيئاً! العروض والفعاليات المميزة متواصلة على مدار العام، كل من يفتح مشروعاً سياحياً فندقاً أو منتجعاً أو مسرحاً يتميز فيه ويقدم الجديد، ويكون واجهة للدولة نفسها. ومن لم يسافر لهذه البلدان، فقط ليدخل على الإنترنت ويبحث عن معالمها السياحية وليقارن وليرَ الفارق وكيف تكون السياحة بالفعل مؤثرة على اقتصاد الدول.
والله في البحرين بتنا نعرف السياحة على أنها إما سياحة مقاهٍ شعبية و«شيشة» وسينما، أو سياحة مراقص وتنقيط ورود وكأس!
أبداً ليس هذا الشكل الذي نريده لبلدنا البحرين. نريد وقف الخطأ بالقانون، وإبداله بالبديل الأنظف والأفضل والذي يفيد البلد وأهله.