بمناسبة تسونامي الموت الذي يعصف بقطاع غزة اليوم مخلفاً أكثر من 250 شهيداً وما يزيد عن 1500 جريح، والذي -للأسف- لم يعد مغرياً لاستقطاب الاهتمام أمام عالم اعتاد على مثل هذا التسونامي المتكرر بين حين وآخر؛ فهل يتذكر الشعب العربي حادثة الطفل محمد الدرة ابن غزة الذي حركت حادثته الأليمة وهو يموت في حضن أبيه الانتفاضة الثانية للأقصى عام 2000؟
هل مرت الذاكرة العربية على حادثته الأليمة وهو يبكي مفزوعاً من صوت الرصاص منحشراً بالقرب من جسد أبيه، حيث لم يكن هناك شيء ليحميه به سوى ذراعه التي تمسك بها بقوة مختبئين وراء برميل إسمنتي حتى التقطه الموت، كما التقطته عدسة الكاميرا لتحيي مشاهد موته وهو مفزوع النبض في جسد الضمير العربي وقتها هل تستحضر حادثته الآن واقع أن أطفال غزة، أكبر المدن الفلسطينية من حيث تعداد السكان والثانية بعد القدس من حيث المساحة، الموت الصهيوني لايزال بعد مرور 14 عاماً على تلك الحادثة يبتلعهم بتمادٍ وتعنت!
اليوم هناك للأسف أكثر من محمد الدرة في سوريا والعراق، لذا فالعالم العربي ليس معنياً بكم رصاصة تسدد إلى صدور أطفال العرب، فهم مشغولون أكثر بكم هدف يسدده «ميسي» ومباريات كأس العالم لا كأس العرب المفقود، متذرعين أن كأس العالم يحدث مرة كل أربع سنوات فيما كأس العرب مباريات الدم فيه تجري يومياً!
العرب اليوم يلهثون وراء نتيجة ألمانيا أمام الأرجنتين لا نتيجة الصهاينة أم فلسطين، ففلسطين لم تعد تساوي للأسف في ناظر العرب فلساً!
فلسطين المنكوبة كلما تشاغلت أنظار العالم عنها وارتفعت وتيرة الحروب الطائفية في الدول العربية كلما وجدت المغتصبة إسرائيل الدولة غير الشرعية مغانم لها في إبادة شعبها، إسرائيل تدرك أن العرب لن يحركوا ساكناً فعيونهم «مسبلة» أمام شاشة التلفاز على المباريات، وعقولهم مشغولة بحل النزاعات الطائفية، أتعتقدون أن توقيت عدوانها الغاشم في كل مرة يأتي مصادفة ولأسباب واهية تبيح كل الدماء التي تريقها؟
الدور العربي في الملف الفلسطيني بات صفراً على الشمال، إن لم يكن تحت الصفر، فالعرب باتوا مخدرين بقضاياهم الوطنية الخاصة، ولم يعد الشعب الفلسطيني أعزل فحسب على أرضه بل أعزل من قضايا العروبة كذلك.
فتئ الشعب الفلسطيني على مطالعة شلالات الدم وعواصف الغارات الموسمية، حتى بات صوت الصواريخ والرصاص هو النشيد الوطني لهذا الشعب المفجوع بكوارثه.
غزة أرض خصبة للدماء، كما هي أرض خصبة للبطولات التي يدافع فيها أبناؤها عن العروبة، وكأنهم هم المعنيون لوحدهم بها، الأرض هناك ليست عربية فحسب؛ إنما باتت مزرعة جثث تتشرب دماء العروبة المهدورة.
اليوم بتنا في عصر نرى فيه حصاراً يفرض على شعب أعزل يعاني منذ قديم الأزل ولايزال العرب لا يحركون ساكناً، العرب لايزالون في حصار الخوف والتردد، وزادهم في ذلك حصار انقساماتهم وصراعاتهم الداخلية، فحتى حركات المقاومة الفلسطينية بينها انقسامات واختلافات ضيعت بوصلة القضية وخارطة الطريق.
الفلسطيني يختلف عن بقية الشعوب العربية لأنه الأعرق تاريخياً في محاولة الحفاظ على حياته كل يوم، الفلسطيني يجسد شيئاً من تاريخ الحفاظ على الحياة عندما يصبح وهو لا يدري كيف سيمسي، هل هناك معاناة يعيشها الإنسان أكثر من هذه؟ حتى قانون الغاب وقاعدة البقاء للأقوى لم تعد معنية بالقضية الفلسطينية، لأن القاعدة تسير على منوال لا بقاء لكم على أرضكم إلا بالموت.
فطرة الإنسان المحبة للحياة والعيش باتت بالمقلوب، هناك حيث فطرة الموت هي الخيار الأفضل للفلسطيني في ظل وضع مأساوي يعيشه مع حصار مفروض عليه من كل حدب وصوب، الفلسطيني فقد أبسط مقومات الحياة أمام حصار الغذاء والدواء والكهرباء، وبات الغذاء الوحيد له هو القصف فيما الدواء المتوافر له على مأساته هو الموت.
الفلسطيني اليوم يدرك أنه يعيش المعاناة العربية مرتين؛ معاناة الحرب مع خصمه التاريخي الصهاينة ومعاناة حروبه الخاصة الداخلية التي قسمت صفوفه إلى فرق متنازعة ليس في سبيل تحرير أرضه؛ بل تحرير قيادة دفة الحلم الفلسطيني بإيجاد دولة.
الفلسطيني لم يعد يحلم؛ بل بات يتمنى أن يتحول واقعه إلى مجرد حلم أو كابوس عابر يفيق منه ليكتشف أن قضيته لم تخذل وانتفاضته لم تمت ولاتزال حية، وأن حلمه لم يعد معنياً به وحده، بل لايزال يرقد في ذاكرة الشعوب العربية التي تورثها للأجيال المتعاقبة.
الفلسطيني اليوم يهان ليس لأنه فلسطيني؛ بل لأنه عربي أمام برودة أعصاب عائلته العربية من المحيط إلى الخليج، في غزة بات الأطفال والنساء يتصدرون مشاهد الموت ويتسابقون عليها متفوقين على الرجال، فيما العالم يتفرج وكأن الحدث يقع في كوكب آخر.
المجازر تزداد والعرب في مهاجرهم نائمون، باتت أكثر المواقف شجاعة لرجال العرب رمي عشرة أو عشرين ديناراً كتبرع لأهالي غزة وانتهى، لم تعد هناك مروءة؛ فماء الوجه العربي تبخر.
هل يقوى الشعب الفلسطيني المشبع بالموت والذل في إيجاد انتفاضة بشكل جديد تجدي نفعاً أمام كل الخذلان العربي؟ انتفاضة تعيد المشهد الفلسطيني إلى صدارة القضايا العربية. في السابق كانت صفعات الموت تجعل العرب يفيقون قليلاً من سبات نومهم، غير أن من وضع لهم منوماً قوي المفعول وخدر ضمائرهم يحتاج الانتصار عليه إلى إيجاد هزة أقوى من الصفعات، بيد أن الحال يفضي إلى نتيجة أن الضرب في الميت حرام، فالمفارقة الحاصلة أن الشعب الفلسطيني يموت حياً ببطولاته والشعب العربي يحيا ويستمر في الحياة ميتاً بقضيته.
والحق يقال العرب مفتونون بالتاريخ أكثر من البطولات والإنجاز، لذا هناك مطامع عربية في الدخول إلى موسوعات العالم بكميات الدماء العربية التي أريقت والجثث التي دفنت ليخلدها التاريخ، وليعود العرب إلى سابق عهدهم في استعراض التاريخ والتفاخر به، لا محاولة إيجاد تاريخ جديد يعيد أمجادهم وإنجازاتهم، فهمهم التاريخ الذي يؤرخ أحداثهم لا التاريخ الذي يأتي من إنجازاتهم.
أما المشهد الدموي في غزة يؤسفنا أن نقول لا دموع الأبرياء والأطفال تفيد ولا برك الدماء تهز، وهناك حاجة لابتكار جديد في الموت يزاحم مشهد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، وإلا فالانتفاضة ونصرة القضية محلك سر.
يبدو أن الحراك العربي لن يتم إلا بابتكار جديد في طريقة الموت، هناك حاجة في غزة اليوم للإبداع في الموت حتى ينتفض الشعب العربي مجدداً، وإلا فإن جيش محمد لن يعود..
من يدري ربما حشر لاعب عالمي مثل «ميسي» أو غيره ليقع قتيلاً هناك بغزة يكون بمثابة النور الذي يلفت الأنظار العربية لاستيعاب ما يحصل وولادة غضب عربي جديد عارم.
هل مرت الذاكرة العربية على حادثته الأليمة وهو يبكي مفزوعاً من صوت الرصاص منحشراً بالقرب من جسد أبيه، حيث لم يكن هناك شيء ليحميه به سوى ذراعه التي تمسك بها بقوة مختبئين وراء برميل إسمنتي حتى التقطه الموت، كما التقطته عدسة الكاميرا لتحيي مشاهد موته وهو مفزوع النبض في جسد الضمير العربي وقتها هل تستحضر حادثته الآن واقع أن أطفال غزة، أكبر المدن الفلسطينية من حيث تعداد السكان والثانية بعد القدس من حيث المساحة، الموت الصهيوني لايزال بعد مرور 14 عاماً على تلك الحادثة يبتلعهم بتمادٍ وتعنت!
اليوم هناك للأسف أكثر من محمد الدرة في سوريا والعراق، لذا فالعالم العربي ليس معنياً بكم رصاصة تسدد إلى صدور أطفال العرب، فهم مشغولون أكثر بكم هدف يسدده «ميسي» ومباريات كأس العالم لا كأس العرب المفقود، متذرعين أن كأس العالم يحدث مرة كل أربع سنوات فيما كأس العرب مباريات الدم فيه تجري يومياً!
العرب اليوم يلهثون وراء نتيجة ألمانيا أمام الأرجنتين لا نتيجة الصهاينة أم فلسطين، ففلسطين لم تعد تساوي للأسف في ناظر العرب فلساً!
فلسطين المنكوبة كلما تشاغلت أنظار العالم عنها وارتفعت وتيرة الحروب الطائفية في الدول العربية كلما وجدت المغتصبة إسرائيل الدولة غير الشرعية مغانم لها في إبادة شعبها، إسرائيل تدرك أن العرب لن يحركوا ساكناً فعيونهم «مسبلة» أمام شاشة التلفاز على المباريات، وعقولهم مشغولة بحل النزاعات الطائفية، أتعتقدون أن توقيت عدوانها الغاشم في كل مرة يأتي مصادفة ولأسباب واهية تبيح كل الدماء التي تريقها؟
الدور العربي في الملف الفلسطيني بات صفراً على الشمال، إن لم يكن تحت الصفر، فالعرب باتوا مخدرين بقضاياهم الوطنية الخاصة، ولم يعد الشعب الفلسطيني أعزل فحسب على أرضه بل أعزل من قضايا العروبة كذلك.
فتئ الشعب الفلسطيني على مطالعة شلالات الدم وعواصف الغارات الموسمية، حتى بات صوت الصواريخ والرصاص هو النشيد الوطني لهذا الشعب المفجوع بكوارثه.
غزة أرض خصبة للدماء، كما هي أرض خصبة للبطولات التي يدافع فيها أبناؤها عن العروبة، وكأنهم هم المعنيون لوحدهم بها، الأرض هناك ليست عربية فحسب؛ إنما باتت مزرعة جثث تتشرب دماء العروبة المهدورة.
اليوم بتنا في عصر نرى فيه حصاراً يفرض على شعب أعزل يعاني منذ قديم الأزل ولايزال العرب لا يحركون ساكناً، العرب لايزالون في حصار الخوف والتردد، وزادهم في ذلك حصار انقساماتهم وصراعاتهم الداخلية، فحتى حركات المقاومة الفلسطينية بينها انقسامات واختلافات ضيعت بوصلة القضية وخارطة الطريق.
الفلسطيني يختلف عن بقية الشعوب العربية لأنه الأعرق تاريخياً في محاولة الحفاظ على حياته كل يوم، الفلسطيني يجسد شيئاً من تاريخ الحفاظ على الحياة عندما يصبح وهو لا يدري كيف سيمسي، هل هناك معاناة يعيشها الإنسان أكثر من هذه؟ حتى قانون الغاب وقاعدة البقاء للأقوى لم تعد معنية بالقضية الفلسطينية، لأن القاعدة تسير على منوال لا بقاء لكم على أرضكم إلا بالموت.
فطرة الإنسان المحبة للحياة والعيش باتت بالمقلوب، هناك حيث فطرة الموت هي الخيار الأفضل للفلسطيني في ظل وضع مأساوي يعيشه مع حصار مفروض عليه من كل حدب وصوب، الفلسطيني فقد أبسط مقومات الحياة أمام حصار الغذاء والدواء والكهرباء، وبات الغذاء الوحيد له هو القصف فيما الدواء المتوافر له على مأساته هو الموت.
الفلسطيني اليوم يدرك أنه يعيش المعاناة العربية مرتين؛ معاناة الحرب مع خصمه التاريخي الصهاينة ومعاناة حروبه الخاصة الداخلية التي قسمت صفوفه إلى فرق متنازعة ليس في سبيل تحرير أرضه؛ بل تحرير قيادة دفة الحلم الفلسطيني بإيجاد دولة.
الفلسطيني لم يعد يحلم؛ بل بات يتمنى أن يتحول واقعه إلى مجرد حلم أو كابوس عابر يفيق منه ليكتشف أن قضيته لم تخذل وانتفاضته لم تمت ولاتزال حية، وأن حلمه لم يعد معنياً به وحده، بل لايزال يرقد في ذاكرة الشعوب العربية التي تورثها للأجيال المتعاقبة.
الفلسطيني اليوم يهان ليس لأنه فلسطيني؛ بل لأنه عربي أمام برودة أعصاب عائلته العربية من المحيط إلى الخليج، في غزة بات الأطفال والنساء يتصدرون مشاهد الموت ويتسابقون عليها متفوقين على الرجال، فيما العالم يتفرج وكأن الحدث يقع في كوكب آخر.
المجازر تزداد والعرب في مهاجرهم نائمون، باتت أكثر المواقف شجاعة لرجال العرب رمي عشرة أو عشرين ديناراً كتبرع لأهالي غزة وانتهى، لم تعد هناك مروءة؛ فماء الوجه العربي تبخر.
هل يقوى الشعب الفلسطيني المشبع بالموت والذل في إيجاد انتفاضة بشكل جديد تجدي نفعاً أمام كل الخذلان العربي؟ انتفاضة تعيد المشهد الفلسطيني إلى صدارة القضايا العربية. في السابق كانت صفعات الموت تجعل العرب يفيقون قليلاً من سبات نومهم، غير أن من وضع لهم منوماً قوي المفعول وخدر ضمائرهم يحتاج الانتصار عليه إلى إيجاد هزة أقوى من الصفعات، بيد أن الحال يفضي إلى نتيجة أن الضرب في الميت حرام، فالمفارقة الحاصلة أن الشعب الفلسطيني يموت حياً ببطولاته والشعب العربي يحيا ويستمر في الحياة ميتاً بقضيته.
والحق يقال العرب مفتونون بالتاريخ أكثر من البطولات والإنجاز، لذا هناك مطامع عربية في الدخول إلى موسوعات العالم بكميات الدماء العربية التي أريقت والجثث التي دفنت ليخلدها التاريخ، وليعود العرب إلى سابق عهدهم في استعراض التاريخ والتفاخر به، لا محاولة إيجاد تاريخ جديد يعيد أمجادهم وإنجازاتهم، فهمهم التاريخ الذي يؤرخ أحداثهم لا التاريخ الذي يأتي من إنجازاتهم.
أما المشهد الدموي في غزة يؤسفنا أن نقول لا دموع الأبرياء والأطفال تفيد ولا برك الدماء تهز، وهناك حاجة لابتكار جديد في الموت يزاحم مشهد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، وإلا فالانتفاضة ونصرة القضية محلك سر.
يبدو أن الحراك العربي لن يتم إلا بابتكار جديد في طريقة الموت، هناك حاجة في غزة اليوم للإبداع في الموت حتى ينتفض الشعب العربي مجدداً، وإلا فإن جيش محمد لن يعود..
من يدري ربما حشر لاعب عالمي مثل «ميسي» أو غيره ليقع قتيلاً هناك بغزة يكون بمثابة النور الذي يلفت الأنظار العربية لاستيعاب ما يحصل وولادة غضب عربي جديد عارم.