هذا هو السؤال الذي يشغل الناس في البحرين الآن وصارمع اقتراب موعد هذا الاستحقاق حديث المجالس، خصوصاً بعدما لوحظ تركيز القيادة على موضوع الانتخابات في زياراتهم للمجالس الرمضانية، وصدور عدد من التصريحات الإيجابية في هذا الخصوص، والتي تحث على التمسك بهذا الحق وممارسته.
هل ستشارك الوفاق -وهم يقصدون بالوفاق جمعية الوفاق الوطنية الإسلامية التي تمتلك القاعدة الجماهيرية الأكبر والجمعيات السياسية التي تعمل معها تحت عنوان قوى المعارضة الوطنية، ويطلق عليها البعض اسم المعارضة- في الانتخابات أم ستقاطعها؟ وإذا قاطعت الوفاق الانتخابات فهل ستؤجل أم أنها ستنظم من دونها وستنتظر أربع سنوات أخرى لتشارك كما فعلت في 2002؟
الواضح وحسب كثيرين من ذوي العلاقة ستجرى الانتخابات في موعدها سواء شاركت الوفاق أم لم تشارك، ذلك أنه لا يمكن تعطيل المسيرة وتجميد حركة المجتمع ريثما تصل الوفاق إلى قناعة بأهمية المشاركة. لكن مثل هذا الوضع لن يكون مريحاً لأسباب عديدة أبرزها أن غياب المعارضة عن المجلس يبدو معها وكأنه أداة في يد الحكومة، ويتيح الفرصة لمن يريد لإطلاق صفة البصامين على أعضائه، فعندما تغيب الكتلة المعارضة يفتقر المجلس إلى الآخر، فلا تصدر عنه إلا القرارات التي تريدها الحكومة أو تلك التي لا تمانع في إصدارها فيكون المجلس بلا طعم، وهذه حقيقة. وجود كتلة معارضة في المجلس يعني صعوبة إصدار أي قرار تريده الحكومة فقط ويعني إمكانية تنفيذ برامج للكتلة المعارضة تصب في مصلحة المواطنين، ويعني توفير هامش أكبر للمستقلين كي يتحركوا، فالمعارضة في مجلس النواب هي الطرف الآخر للمعادلة.
في مجلس النائب المستقل أحمد الساعاتي الأربعاء الماضي طرح السؤال عن مشاركة الوفاق أو عدم مشاركتها في حضور جمع من ضيوف مجلسه بينهم وفد نسائي من السفارة الأمريكية. النائب الساعاتي شرح أهمية وجود كتلة معارضة في المجلس وكيف أنها يمكن أن تكون قوة ضاغطة ومحفزة وألمح إلى أن الدولة مهتمة بمشاركة الجميع لكن في حالة إصرار الوفاق على عدم المشاركة فإن الانتخابات لن تؤجل، وعبر عن أمله في مشاركتها كي يتمكن المجلس من تحقيق قدر أكبر من آمال المواطنين وتطلعاتهم.
هناك سألت عن المسألة موضوع الحديث فقلت إنني مع وجود كتلة معارضة في المجلس وإنني أرى أن بإمكان الوفاق أن تحقق شيئاً مفيداً للناس من تحت قبة البرلمان، لكنها إن لم تشارك فإنها تكون هي الخاسر الأكبر وتكون قد ظلمت جمهورها. وقلت أيضاً إنني على قناعة بأن الوفاق والجمعيات السياسية المعارضة تريد أن تشارك في الانتخابات وإنها على قناعة بأهمية المشاركة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة الكثير من التغيرات المتلاحقة والمقلقة لكنها لا تزال تعاني من سيطرة ائتلاف 14 فبراير عليها، وبما أن هذا الائتلاف هو الذي يسيطر على الشارع ويحرك الشباب في الميدان، لذا فإن إعلان الوفاق المشاركة في الانتخابات سيفهمه هذا الائتلاف على أنها تحولت إلى حيث يقف الآخر الذي تحاربه فيحاربها وستخرج من الساحة خالية الوفاض بعد أن ينفض جمهورها عنها ويعتبرها خائنة. فمثل هذه الرسالة التحذيرية وصلت الوفاق من ائتلاف فبراير بفرعيه الخارجي والداخلي، والوفاق تعلم تمام العلم بأنها ستخسر الشارع وسيضيع كل ما سعت إليه وكل جهدها لو أعلنت عن نيتها المشاركة في الانتخابات.
مشكلة الوفاق ليست مع الحكومة وإنما مع أولئك الذين يسيطرون على الشارع وعليهاحيث بإمكانهم ببساطة أن يركنوا الوفاق ومختلف الجمعيات السياسية المعارضة ويخرجوهم من الساحة فور أن يعرفوا أنهم قد قرروا المشاركة في الانتخابات التي سيعتبرونها حراماً وسيعتبرون الوفاق إن شاركت فيها آثمة وربما مرتدة تستحق القتل