يتعامل المجتمع الدولي مع بلدان العالم حسب موقع كل دولة وأهميتها بالنسبة لمخططاته الاستعمارية

المواطنون يذهبون صباحاً إلى أعمالهم بسلام ويعودون بأمان، كذلك الطلاب يفعلون، والمجمعات التجارية والأسواق تكتظ بالمتسوقين من المواطنين والوافدين والسياح، والبناء والعمران في أوجه وعلى أشده، ما بين مبانٍ سكنية ومنازل شخصية ومشاريع تجارية وخدمية وحكومية، كذلك بناء وحدات سكنية للمواطنين ومدارس ومستشفيات وخدمات تحتية، إضافة إلى تطوير شبكات الصرف الصحي وتشييد الجسور وصيانة الطرق، والناس تعيش في مناطقها بسلام وأمان، وها هم ينعمون بأجمل أيام السنة، رمضان الكريم، والذي يقضيه المواطنون هانئين مطمئنين في منازلهم دون خوف أن تنزل على رؤوسهم براميل متفجرة ولا صواريخ خاطفة ولا قنابل ولا مفتجرات.
بعد كل هذا؛ أين تقع «البحرين المثيرة للقلق»؟ هل هناك بحرين غير هذه البحرين أم هل التبست الحالات لديهم وأصبحوا لا يفرقون بين العراق وسوريا وبين البحرين؟ وربما قد تم تغيير اسم غزة إلى البحرين؟
هذه المنظمات غير الحكومية، بحرينية وعربية ودولية، تطالب على حد زعمها وزير الخارجية البريطاني بتصنيف البحرين «بلداً مثيراً للقلق»، إذاً فماذا بقي من الراحة والأمن إذا ما صنفت «البحرين بلداً مثيراً للقلق»؟ البحرين التي ينام فيها الناس دون حراسة على بيوتهم ولا تغلق كراجات سياراتهم ولا أبواب منازلهم، البحرين التي مازال فيها الناس يمشون عزلاً دون سلاح ولا حديدة ولا جريدة ولا حجر، في الوقت الذي تفتقد كثير من الدول، ومنها الغربية والولايات الأمريكية ومعظم دول العالم الأمن والأمان، إلا البحرين التي مازالت تعيش بأمان رغم أنف الحاقدين الذين يكرهون أن تكون البحرين بسلام.
نقول لكم هنا كيف يتعامل هذا المجتمع الدولي مع الدول، وذلك حسب موقع كل دولة وأهميتها بالنسبة لمخططاتهم الاستعمارية، ومنه ما قاله أوباما بعد أن استخدم النظام السوري أسلحة كيماوية ضد شعبه «إن المجتمع الدولي بحاجة إلى معرفة المزيد بشأن ما إذا كانت أسلحة كيماوية قد استخدمت في سوريا، وأن هذا حدث جلل ومثير لقلق بالغ»، أي أنه ورغم الصور الحية التي بثت على القنوات الفضائية لضحايا الأسلحة الكيماوية التي فتكت بالشعب السوري، فإن أوباما يطلب «معرفة المزيد ما إذا كانت أسلحة كيماوية قد استخدمت» ثم ماذا؟ ثم ترحيب دولي بموافقة النظام السوري بتفكيك السلاح الكيماوي، وبعدها يستمر الشعب السوري يذبح بأنواع متعددة وأساليب مبتكرة منها البراميل المتفجرة، إذ لم تتحرك أي منظمة من هذه المنظمات التي تطالب اليوم بتصنيف «البحرين بلداً مثيراً للقلق» أن تطالب بوقف ذبح الشعب السوري والذي فاقت ضحاياه مئات الآلاف من القتلى غير الجرحى والمعتقلين واللاجئين، فهذه المنظمات اليوم تتجاهل الحرب على الشعب السوري والعراقي والفلسطيني وتتفرغ للبحرين.
أما ما ذكره بان كي مون الأمين، العام للأمم المتحدة، عن وضع المهجرين في العراق فهو اكتفى بقوله «إن وضع أكثر من مليون مهجر في العراق لايزال «صعباً ويدعو للقلق»، أي أنه مثير للقلق، وهي مجرد عبارات وجمل تذكر فيها دولة مثل العراق، حيث يعتبر أكثر من مليون مهجر فيها لا يخرجون عن كونهم مثاراً للقلق، أي أنها مجرد كلمات وعبارات تذكر عن أوضاع معينة وليس عن العراق ككل، وهو بلد لا يصلح للعيش البشري، لأنه تنتهك فيه كل الحقوق البشرية بدءاً من زهق الروح إلى دق العظام، ولكن هل طالبت هذه المنظمات أمريكا وبريطانيا بتصنيف العراق «بلداً مثيراً للقلق»؟
وكذلك ما ذكره التقرير بشأن مطالبة هذه المنظمات بتصنيف البحرين «بلداً مثيراً للقلق» بأن هذه المنظمات ليس لها دلائل ولا وثائق ولا تسجيلات مباشرة ولا أفلام مسجلة، بل استندت فقط في خطابها لوزير الخارجية البريطانية على تصريحات المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب «خوان منديز» الذي ادعى كما جاء في التقرير؛ أن حالة حقوق الإنسان في البحرين «بالغة القلق» وأن التوصيات التي أدلى بها تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق على حد زعمه لم تنفذ.
هذا تصريحه وهو لم يزر البحرين، ولا يدري عن واقعها إلا من التقارير التي ترسلها الوفاق، فما بالكم بعدما يزور البحرين ويلتقي ويقابل ثم يخرج بتقرير، ثم يذهب بهذا التقرير على أنه دليل إدانة للبحرين.. نعم إنهم لا يكترثون بحقائق ولا ما يحدث في الواقع ولا ينظرون إلى الأخبار التي تبث في القنوات ولا المشاهد الحية التي تنقل المآسي التي تعيشها شعوب العالم، ولا حتى شعوبهم، لأنها جرائم تقع تحت تصنيف «مقبول» طالما تسير وفق المخطط، ولكن ما يحدث في البحرين «غير مقبول» لأنه يسير عكس المخطط، لذلك فالبحرين بالفعل «بلد مثير للقلق» بالنسبة إليهم عندما أفشلت مخططاتهم.