منذ اليوم الأول الذي طرح فيه النظام فكرة الميثاق الوطني، و حتى هذه اللحظة ونحن ننافح ونحارب من أجل تثبيته مرجعية لدولتنا والثابت الأول الذي نحدد به كمجتمع تعددي وعلى أساسه شكل مستقبل الدولة السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وحكماً لاختلافاتنا و منظماً لإدارتنا لدولتنا.
حاربنا من أجل التصويت عليه وحاز 98,% ثم حاربنا من أجل إقرار الدستور بتعديلاته لقناعتنا بأن تلك التعديلات فيها ما فيها من قصور و فيها ما فيها من قفزات نوعية تناسب تطورنا المرحلي كمجتمع وكنظام، وبقينا نحارب من أجل تثبيته كمظلة لمؤسساتنا ولقوانيننا ولجعله حكماً بيننا، فإن ينتقل المجتمع بكل أطرافه «للاحتكام» ولاعتبار «المرجعية» للقانون و للدستور، يحتاج إلى تغير في العقلية والذهنية التي تعودت أن تقفز وتستثنى وتحتكم لقوانين الغاب، بغض النظر عن مضمون الدستور، فإن الخضوع للقانون وسيادته مسألة ستلقى مقاومة في بداياتها.
منذ عام 2002 وحتى هذه اللحظة ورغم إحباطات مخرجات الانتخابات والإحباطات التي تتولد نتيجة استثناءات تتجاوز القانون وتتجاوز القضاء هنا وهناك، إلا أننا نظل نركز ونذكر من أجل إعادة الأمور لنصابها فتلك هي معركتنا مع المستقبل من أجل أبنائنا.
و إلى آخر رمق ولن نستكين ولن نتهاون سنواصل، رغم كل ما واجهناه على مدى اثني عشرعاماً من التهم التي لم تبقِ ولم تذر شرفاً ولا عرضاً إلا وأهانته وظنت به، بل وهددنا بالقتل ووضعت أسماؤنا على قوائم اغتيال في مراحل العنف وووو من قبلها واجهنا حرباً على أمن و استقرار الدولة منذ 1995 حتى يومنا هذا.
و أنا هنا لا أتحدث عن نفسي بل أتحدث عن شعب البحرين الذي صوت على الميثاق والذي شارك في الانتخابات لثلاثة فصول تشريعية، جميعهم آمن أن الركون لمرجعية ثابتة هو صمام الأمان، حتى نخرج من دوامة الصراعات السياسية المتكررة، لذلك كان التصويت بنعم، أي على قبول هذه المرجعية «قسماً» يلزمنا الحفاظ عليها والذود عنه، «قسماً» تنصل منه من وضع يده على القرآن فلا نأتي اليوم بعد كل هذا النضال ونقدم تلك «المرجعية» التي توافقنا عليها، لقمة سائغة لمن يضع سيف الإرهاب على رقابنا، بالتفاوض معه على (المحاصصة الطائفية) ظناً منا إنما نحن يلقي عظماً إلى حين، المحاصصة ذلك مسمار يدق في عرش الحكم وفي عرش استقرار الدولة، تلك «طائف» أخرى تنتهي إلى ما انتهت إليه لبنان والعراق وذلك هو الهدف، فمن ذا الذي ظن أن المحاصصة ضرر يستهان به ممكن تقديمه مكافأة للإرهاب والإرهابيين؟ من ذا الذي رخص بنا و بثوابتنا وعرض 6/6/6 والله لو عرضها 10 سنة و2 شيعة و2 من الأسرة لما قبلنها، ولا قبلنا التسمية بالاسم في هذا الوقت الآن حتى لو وعدنا بتسعين في المائة من الوزارات، كل الطرق ستؤدي للمحاصصة الآن في ظل هذا الوضع الطائفي القميئ، فلا نضحك على بعض.
تلك خيانة ل 98,4% من شعب البحرين، الذي قال (نعم) للميثاق، وليس في الميثاق ما يشير إلى نظام المحاصصة الطائفية وإلا لكنا قلنا له (لا) بنسبة 98,4%.
لو كنا نعلم أن هناك من سيعتمد (التفاوض) وسيلة وآلية للتغيرات الدستورية خيانة لآلية الدستور التي اعتمدها، لما كنا صوتنا على الميثاق بنعم، لوكنا نعلم أن القانون الصادر من السلطة التشريعية التي انتخبناها والذي حدد أسس قيام الأحزاب وأسس العمل السياسي وأطرها الدستورية سيوضع في الإدراج وسيجمد إكراماً لعين الولايات المتحدة الأمريكية التي تأمرنا فنطيع لما صوتنا بنعم، لوكنا نعلم أن الدولة ستتفاوض مع جمعية مخالفة للدستور ومخالفة للقانون ومشجعة وداعمة للإرهاب لما صوتنا بنعم، بل لبحثنا لنا عن حلفاء من الخارج ولعرضنا مطالبنا، وأجبرنا الدولة على الجلوس معنا للتفاوض، لو كنا نعلم أن المطاف سينتهي بالجماعات أن تتفاوض مع الدولة تحت تهديد الابتزاز بالإرهاب وبالتدخل الأمريكي لاختصارنا المسافة ولما صوتنا بنعم، لوكنا نعلم أن طرفاً ما في الدولة مستعد لمقايضة الأمن بالمحاصصة، لما صوتنا بنعم.
كلمة أخيرة
إن استمرت الدولة بتقديم العروض للجماعات الإرهابية و تدليلها لأكثر من أربع سنوات وأصبح عندها رضاها و رضا أمريكا عليها هو المنال، فلتستعد الدولة لقائمة طويلة فلكل جماعة مطلب ولكل حلفائه والسوق واسع
والدستور والميثاق داسهما أولاً الطرف الذي قبل بالتفاوض خارج إطارهما، فلا تلوموا الآخرين إن رموهما وراء ظهورهم ..... هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها شعب متمسك بدستوره أكثر من نظامه.