قد يختلف معي الكثيرون وقد يتفقون معي في أن ألقاب المونديال البرازيلي الذي أسدل عليه الستار مساء الأحد الماضي قد ذهبت لمن يستحقها وفق معايير «الفيفا» بعيداً عن الانتماءات والعواطف التي يتحدث بها الشارع الرياضي. فالمنتخب الألماني استحق اللقب عن جدارة أولاً لفوزه في المباراة النهائية الحاسمة على الأرجنتين بهدف البديل الموهوب «غوتسه»، وثانياً لأنه أكثر المنتخبات ثباتاً في المستوى، وثالثاً لأنه الأكثر استقراراً إدارياً وفنياً وهو ما يميز الاتحاد الألماني لكرة القدم عن غيره من الاتحادات التي تفتقد إلى الاستقرار الفني والإداري. ولعل تصريحي المدرب «يواكيم لوف» ومدير المنتخب «بيرهوف» بعد نهاية المونديال خير شاهد على الاستقرار حين أشارا إلى الفترة الزمنية الطويلة التي منحت لهما من قبل الاتحاد الألماني لكرة القدم للتحضير لهذا المونديال، الأمر الذي خلق انسجاماً وتجانساً بين اللاعبين بعضهم البعض وبين اللاعبين وجهازهم الفني والإداري وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى إبراز منتخب يتمتع بالانضباط التكتيكي والروح المعنوية العالية استحق أن يتوج بطلاً للعالم للمرة الرابعة وأن يكون أول منتخب أوروبي يخطف كأس العالم من قلب القارة اللاتينية.أما الألقاب الفردية التي يخصصها «الفيفا» للاعبين المتميزين كأفضل لاعب وأفضل حارس مرمى وهداف البطولة فلكل منها معاييره ومقاييسه التي توكل إلى لجان متخصصة، فهي بالتأكيد ذهبت لمن يستحقها فنال الساحر الأرجنتيني «ليونيل ميسي» لقب أفضل لاعب نظراً لأنه لعب جميع المباريات ووصل إلى المباراة النهائية من دون أن ينال أي بطاقة صفراء أوحمراء بالإضافة إلى إحرازه لأربعة أهداف ساهم من خلالها بوصول الفريق إلى الدور النهائي. هذه المعايير هي التي رجحت كفة «ميسي» عن أقرب منافسيه وهما الهولندي «آريين روبين» والألماني «مولر» رغم أننا كمتتبعين ومشاهدين سواء من عشاق فن «ميسي» أو ممن لا يعشقون فنه الكروي نرى أن اللاعب لم يقدم الإبهار المتوقع منه كأول لاعب في العالم يفوز بالكرة الذهبية أربع مرات متتالية، غير أن ذلك لن يغير من نجومية «ميسي» الفذة ولن يغير من احترامنا لقرارات المختصين الذين منحوا لقب أحسن حارس مرمى للألماني «نوير» ولقب الهداف للكولومبي «رودريغيز». هكذا إذاً أسدل الستار على مونديال البرازيل 2014 الذي تميز بالتنظيم الرائع والحضور الجماهيري الكبير، بينما لم يرتقِ فيه الأداء الفني إلى المستوى المطلوب، وقد يكون وراء ذلك أسباب عديدة في مقدمتها الإرهاق الذي عانى منه اللاعبون نتيجة التزاماتهم مع أنديتهم في المسابقات المتعددة وضيق الفترة الفاصلة بين ختام تلك المسابقات وانطلاقة المونديال، إلى جانب تأثر بعض المباريات بالأجواء الحارة نتيجة إقامتها ساعة الظهيرة! نأمل أن يسعى «الفيفا» لتدارك كل السلبيات حتى لا يتكرر هذا السيناريو بعد أربع سنوات في روسيا.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90