النظرة الدولية تجاه الإرهاب تختزله دائماً في تنظيمات وأشخاص وتتجاهل الأيديولوجيات المتطرفة التي تنتشر أفكارها حول العالم،

غداً من المفترض أن يعلن الرئيس الأمريكي عن خطته للتحالف الدولي من أجل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وبعد غد تصادف الذكرى الثالثة عشر على الهجمات الإرهابية التاريخية التي أصابت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
أجواء اليوم مشابهة كثيراً للأجواء التي كانت سائدة في العام 2001 وما بعده، حيث تم إعلان الحرب العالمية ضد الإرهاب وكان المقصود به آنذاك إرهاب القاعدة لا غير، في تجاهل دولي لكافة أنواع الإرهاب والتطرف التي تسود أصقاع العالم.
العالم واجه حربين عالميتين «الأولى والثانية»، اضطر لاحقاً إلى تأسيس منظمة الأمم المتحدة من أجل ضمان عدم اندلاع الحرب العالمية الثالثة، ومنذ العام 1945 وحتى الآن لم يتحقق الهدف، فالعالم مازال يعيش في فوضى، وحالة متقدمة من عدم الاستقرار. وإذا لم تحدث حرب عالمية بالمفهوم التقليدي، فإن هناك حربين وقعتا، الأولى تلك التي أعلنها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن ضد القاعدة، والثانية تلك التي أعلنها الرئيس باراك أوباما ضد داعش، وليس مستبعداً أن يعلن الرئيس الأمريكي المقبل أو الذي يليه حرباً ثالثة ضد الإرهاب.
النظرة الدولية تجاه الإرهاب تختزله دائماً في تنظيمات وأشخاص، وتتجاهل الأيديولوجيات المتطرفة التي تنتشر أفكارها حول العالم، واستطاعت أن تؤسس لها دولاً أو تتغلغل داخل الأنظمة السياسية، كما هو الحال في إيران، أو أفغانستان، والعراق وغيرها.
قدر للبشرية أن تعيش الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولكن قدر الآن لأجيال ما بعد النصف الثاني من القرن العشرين أن تعيش حربين عالميتين ضد الإرهاب، وهي أقسى بكثير من الحروب التقليدية لأن الحرب ضد الإرهاب الضحايا فيها أكبر ومداها الزمني يستغرق وقتاً أطول كما علمتنا دروس العلاقات الدولية.
عندما نقدم هذا الطرح فإننا لسنا ضد أي استهداف للإرهاب، ولكننا ضد أن يكون تعريف الإرهاب نفسه انتقائياً، فيكون فقط إرهاب داعش أو القاعدة، لأن هناك إرهابات متنوعة في المعمورة. كما أننا ضد أي استهداف للإرهاب يتعامل مع الظاهرة على أنها معركة بين مجموعة من الأشخاص، لأنها أكبر من ذلك بكثير، فإذا كنا نتحدث عن اجتثاث للإرهاب فينبغي استهداف الأيديولوجيات المتطرفة أولاً، وتجفيف منابع التمويل التي غالباً ما تختلط بين المال السياسي والديني وغنائم المعارك الميدانية.
دروس كثيرة ينبغي أن يتعلمها العالم من الحرب العالمية الأولى ضد الإرهاب بمحاربة القاعدة التي يؤرخ لنهايتها طبقاً للتقديرات الأمريكية بمقتل أسامة بن لادن في العام 2011. تلك الحرب الأولى انتهت ولم ينته تنظيم القاعدة حتى الآن، بل مازالت خلاياه منتشرة في الكثير من البلدان.
لذلك إذا كانت الحرب العالمية الثانية ضد الإرهاب مقبلة، فينبغي الاستفادة من دروس الأولى حتى تكون النتائج حقيقية وفعالة، وحتى لا يظهر تنظيم إرهابي بعد القاعدة وداعش مستقبلاً.