شهدت مؤتمرين للأمم المتحدة للدول المانحة للشعب السوري أقيما برعاية ودعم كويتي خلال العامين 2013-2014، ودائماً ما يحرص المسؤولون الأمميون على تقديم عرض تفصيلي بمخاطر وتداعيات الهجرة ولجوء الشعب السوري إلى دول الجوار، وبناءً عليه يتم رصد مئات الملايين من الدولارات كدعم إنساني.
اللافت في كلا المؤتمرين أن أعداد اللاجئين في تزايد، والأرقام المعروضة كل مرة تزداد خطورتها، والخطورة لا تقتصر فقط على دول الجوار، بل حتى دول ما بعد الجوار، فالسوريون اليوم يتواجدون في كل من تركيا ولبنان والأردن بشكل رئيس.
نعود للوراء بضعة عقود، فنرى اللاجئين الفلسطينيين الذين شردهم إرهاب إسرائيل فانتقلوا إلى سوريا والأردن ولبنان وكذلك العراق، إضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. لاحقاً اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، فشردت الآلاف من اللبنانيين إلى دول الجوار أيضاً. ولم يختلف الوضع كثيراً عندما تمت محاصرة بغداد من (1991 ـ 2003)، حيث دفع هذا الحصار آلاف اللاجئين العراقيين إلى الهجرة لدول الجوار أيضاً، وبعدها صارت الهجرة العراقية الثانية عندما تم غزو العراق أمريكياً ومازالت تداعياته قائمة إلى اليوم بعد أن اندلعت شرارات الحرب الأهلية العراقية خلال الأسابيع الماضية، مما يعني مزيداً من اللاجئين إلى دول الجوار.
السؤال هنا؛ إلى أي مدى دول الجوار قادرة على استيعاب الدفعات الجديدة من اللاجئين والنازحين بسبب الصراعات والحروب الأهلية في الشرق الأوسط؟
بمراقبة سريعة من أقصى الشرق العربي إلى أقصى المغرب العربي سنجد هذه الظاهرة موجودة في الكثير من البلدان العربية نتيجة ما يسمى بـ»الربيع العربي»، وحتى الآن فإن هذه الهجرات عادية، ومن الواضح أن دول المنطقة قادرة على السيطرة عليها تدريجياً. ولكن هناك سيناريو أسود من الأهمية بمكان البدء في التفكير فيه يتعلق بمستقبل هذه الموجة الضخمة من اللاجئين والمهاجرين الذين لا يتوقع لهم أن يعودوا إلى أوطانهم سريعاً، بل أسرع التوقعات تشير إلى احتمال عودتهم خلال 10 سنوات من الآن.
هل لدى الدول المستقبلة للاجئين القدرة على الاستمرار في دعم وإعاشة هؤلاء اللاجئين لعدة سنوات مقبلة؟ وهل لدى الدول المستقبلة القدرة على توطين اللاجئين على أراضيها إذا طال أمد الصراع لسنوات طويلة؟ وهل لدى الدول المستقبلة التشريعات والأنظمة الكفيلة بتحديد آليات التعامل مع أعداد ضخمة من اللاجئين لا يتوقع أن يقل عددهم بل سيزداد؟
مخاوف تتعلق باللاجئين العرب للدول العربية من أن يكونوا ضحية الترتيبات الدولية والإقليمية لإعادة هندسة الشرق الأوسط من جديد، وحينها سيكونون أداة لرسم الخريطة الجديدة للمنطقة.