يعرف علماء الاقتصاد الأزمة الاقتصادية على أنها ظاهرة تعرف بنتائجها، ومن مظاهرها انهيار البورصة، وحدوث مضاربات نقدية كبيرة ومتقاربة، وبطالة دائمة. وتعرف الأزمة المالية بشكل خاص بأنها «انهيار النظام المالي برمته مصحوباً بفشل عدد كبير من المؤسسات المالية وغير المالية مع انكماش حاد في النشاط الاقتصادي الكلي».
إذاً فالأزمة المالية هي «انهيار مفاجئ في سوق الأسهم، أو في عملة دولة ما، أو في سوق العقارات، أو في مجموعة من المؤسسات المالية، لتمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد، ويحدث مثل هذا الانهيار المفاجئ في أسعار الأصول نتيجة انفجار فقاعة سعرية مثلاً»، والفقاعة المالية أو السعرية، أو فقاعة المضاربة كما تسمى أحياناً هي بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر من الأصول المالية أو المادية كالأسهم أوالمنازل بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية أو الحقيقية.
باختصار شديد «هي تلك التذبذبات العميقة التي تؤثر كلياً أو جزئياً على مجمل المتغيرات المالية، وعلى حجم إصدار وأسعار الأسهم والسندات، وإجمالي القروض والودائع المصرفية، ومعدل الصرف، وتعبر على انهيار شامل في النظام المالي والنقدي».
لا شك أن الأزمة الاقتصادية العالمية «الغربية» منها على وجه التحديد بلغت أقصاها، فالأرقام المخيفة التي بين أيدينا تشي بانفجار حروب وأزمات طاحنة ومرعبة. فديون الولايات المتحدة الأمريكية بلغت اليوم نحو 16.7 تريليون، وهو ما يعادل حوالي 98% من الناتج المحلي لها، وبهذا فإن حدوث موازنة في هذا المجال يعد أمراً مستحيلاً جداً، وتعويضه بات أمراً خارج التغطية إلا عبر السرقة لا غير!
ما نشاهده من مظاهر فوضى سياسية عارمة في العالم، وما نلمسه ونراه من اضطرابات عنيفة وغير منطقية في كل أرجاء الأرض، هو بفعل هذه الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب العالم الصناعي على وجه الخصوص، ومن أجل معالجة هذه الأزمة العالمية يجب أن تختلق الدول الكبرى مجموعة من النزاعات والحروب العالمية من أجل تشغيل المصانع وتدوير رؤوس الأموال وإنقاذ الدولار من الانهيار التام.
إن خلق النزاعات والحروب في مناطق الشرق الأوسط من طرف أمريكا والدول الكبرى لهو خير دليل على أن العملية تجري وفق خطط اقتصادية وسياسية عالمية خبيثة، فهم يدركون جيداً حجم وكميات الثروات الهائلة التي تتمتع بها منطقتنا، ولهذا تريد أمريكا والأربعون حرامياً سرقة أكبر كميات ممكنة من ثرواتنا عبر استنزافنا بمشاريع عسكرية، تحرك مصانعها وتبيع من خلالها أسلحتها، كما إنها تريد أن تعوض خسائرها الفلكية عبر صناعة حروب مفتعلة ونزاعات مصطنعة لتأخذ دور المنقذ، فتوظف كل إمكانياتها في البناء وعمارة ما تم تدميره عبر مؤتمراتها ومؤامراتها السرية التي يقوم بها سماسرتها من جهة وجماعاتها المسلحة من جهة أخرى.
ما نشاهده من عبثية لا مثيل لها في العالم وفي كل التاريخ، تجري باسم السلام تارة وتارة باسم البناء، وهي في الحقيقة كلها محاولات لتغطية فشل السياسة الغربية، وتعويض الخسائر الهائلة التي تستتبع سقوط الرأسمالية الحديثة، وذلك عبر بناء رأسمالية جديدة تقوم كما قامت أختها المتوفاة على الدماء والويلات والاستعباد والاستعمار والنهب وسرقة ثروات الأوطان وإذلال الشعوب وإخضاعها، هذا كل ما في المسألة.
فما نشاهده اليوم من تصرفات مجنونة من الغرب وأذرعه في العالم يعطينا يقيناً واحداً، وهو أن كل ما يحصل أمام أعيننا من جنون هو من أجل إنعاش قلب الرأسمالية الذي توقف عن النبض، ولو كان ذلك على حساب دول وشعوب كانت مستقرة في الأساس.