يبدو أن تسريبات لقاءات الوفاق السرية تسببت لهم بإزعاج كبير، لذلك تجدهم يسارعون بالنفي وقلب أصل المواضيع ويضيفون عليها مزيداً من التطاول على الدولة والتحريض على كراهيتها.
هذه المسارعة للنفي ليست سوى إثبات على وجود خوف لديهم من شارعهم الذي شحنوه لحد الانفجار، والخوف تحديداً من انفجار يطالهم هم وحدهم إن قاموا بخطوة يراها من هلل لهم على أنها تراجع و«تخوين» بمن ينتظر وعودهم بتشكيل مجلس تأسيسي و«تصفير» للدولة في كل مراحل بنائها وتطورها.
قلناها ومازلنا نؤكد على أن الوفاق مثل المتشبث بذيل أسد، إن واصلت التشبث تعبت، وإن أفلتت الذيل أكلها الأسد.
«حوستهم» اليوم هي نتيجة صنعتها أيديهم، هي محصلة لحراك انقلابي هدفه الكرسي في دولة غالبية مكوناتها «تلفظ» الوفاق ولا تعترف بها ضمن التشكيل الوطني «المخلص»، هم حلموا بشيء وجاءت النتيجة معاكسة تماماً، ظنوها فرصة للانقضاض على الدولة والاستيلاء عليها فإذا بها تتحول إلى وبال عليهم.
مهما نفت الوفاق ومهما أنكرت وجود نية بدخول الانتخابات ورغبة للعودة إلى ما كانت عليه، فإن هذه تظل الحقيقة، وكثير من أتباعها ينتظرون امتلاك قيادات الجمعية جرأة الاعتراف ليبدؤوا هجوماً عليها بتهمة خذلان الشارع والتغرير به.
في سطر يتيم مقتضب قال مطر مطر بأن ما نشر عنه بشأن لقائه مساعد وزير الخارجية الأمريكي غير صحيح، لكنه لم يتكلم صراحة أو ينفي سعي الوفاق لخوض الانتخابات، وهذا ما يوضح بأن الأمر أرسل له من قيادته لينفي تجنباً لردة فعل شارعهم وحتى لا يستنهض عليهم الإخوة الأعداء من انقلابيي لندن، وواضح أيضاً في مقام آخر بأن تسريب فحوى لقائه بمالينوسكي لخبط أوراق الجمعية الانقلابية التي مازالت تبحث عن حلول لتشارك في الانتخابات بلا أضرار.
يحصل ذلك في وقت يحاول فيه مساعد أمين الوفاق خليل مرزوق -القائل بأن «القانون تحت قدميه»- تجنب استجلاب سخط وتخوين سعيد الشهابي وجماعته في حال إعلان الوفاق المشاركة في الانتخابات.
الوفاق تحاول ضمان عدد من المكاسب قبل إعلان المشاركة، لكنها في نفس الوقت تخاف من شارعها وما سيفعله بها الشهابي وأتباعه من تشويه صورة وتخوين وقلب الناس عليها، والشهابي لديه من المسوغات الكثير، خاصة رغبته رد الصاع بصاعين للوفاق وعلي سلمان ومن معه الذين كانوا قبل سنوات «رعايا» عنده في لندن يصرف عليهم، وقام بعدها بطردهم حينما سألوه عن مصدر أمواله، ثم حينما عاد للبحرين أخرجوه من المولد بلا حمص.
مرزوق لن يفلح في مسعاه مع الشهابي، ومطر عليه مهمة تضبيط الأمريكان، ومن بالداخل هم بين «تعطيل» فتيل انفجار الشارع وبين محاولة التخاطب مع النظام ليحفظوا ماء الوجه بأي شيء يصورونه على أنه مكسب.
الخناق يضيق بمضي الوقت وقرب موعد الانتخابات، وهم يدركون ذلك، ويدركون بأن أربع سنوات قادمة من دون وجود صفة لهم داخل المجلس التشريعي هو إهدار للوقت وإقرار بقبولهم الاستمرار في نفس الحال وتكبد مزيد من الخسائر، وطبعاً بالنسبة لبعض قيادييهم فإن ما مضى من العمر أكثر مما بقي، وهتاف الجماهير لا يوكل عيش.
نعم الوفاق تريد أكل العيش، إذ ادعاؤها أنها تستميت من أجل هموم الشعب ومطالباته ما هو إلا كلام فاضٍ «مأخوذ خيره»!