«هم فقط قوى وطنية، أما من حضر اللقاء مع سمو ولي العهد فهم يمثلون أنفسهم والجهة التي خولتهم لحضور اللقاء»، إنه اعتراف من الوفاق بأنها لا تمثل إلا نفسها بأنها هي الجهة الوحيدة المعارضة للحكم، كما إنها تعترف أنها فكر إقصائي ديكتاتوري لا تترك لغيرها مساحة ولا مجالاً لأن يكون له رأي أو قرار، فقد أقصت الشعب كما أقصت الحكم، فهي تعيش حالة نفسيه كحالة فرعون بالضبط.
وهنا نسأل: هل امتنت الوفاق قط للدولة في شيء برغم ما نفذت لها من مطالب، وتسامحت معها في معظم جرائمها، ومنها تنفيذ الدولة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، وما تلاها من فرص الحوار الذي وصل إلى مستوى الحكم، لم تمتنَ أبداً بل ترد كل مرة بجحود ونكران وبمزيد من رفع سقف مطالبها وتضاعف من إرهابها. وأما عن تسامح الدولة فهي لم تتخذ أي إجراء قانوني حتى اليوم ضد قادة المؤامرة الانقلابية مثل عيسى قاسم وخليل مرزوق وغيرهم ممن تخابر مع دول أجنبية معادية للدولة مثل الحكومة الإيرانية والعراقية و«حزب الله».
إذاً الوفاق لا تريد تعديل دوائر انتخابية لن تخدم أهدافها التي ترجو منها الغلبة، ولن تقبل الأمن للجميع حتى يكون تحت يدها ترسانات أسلحة من سلاح طيران وصواريخ ودبابات.
مثلهم كمثل الحوثيين، فالحركة واحدة وإن اختلفت في شكلها ومراحلها، فهم يرفعون سقف المطالبة كلما تعاطت الدولة معهم وحققت مطالبهم، وها هو رئيس اليمن عبدربه منصور هادي قدم مزيداً من التنازلات لحل الأزمة اليمنية، والتي اعترفت جماعة الحوثي أن الرئيس هادي قدمها لإنجاح المفاوضات، وهي نقاط الاتفاق بين اللجنة الرئاسية والحوثيين، منها تنازله عن حقه في اختيار رئيس الوزراء والوزارات السيادية، وقبول الوفد الرئاسي المفاوض في أن تقدم الدولة اعتذارها بخصوص أحداث مجلس الوزراء وتقديم المتورطين فيها للقضاء في غضون 48 ساعة، وقبول مبدأ الشراكة السياسية في مختلف أجهزة الدولة وهيئاتها الرقابية، وفي المقابل رفض الحوثي رفع ساحات الاعتصام المسلحة في صنعاء، ورفعوا سقف مطالبهم بفتح مكتب لحزب الله في صنعاء أسوة بمكتب حركة حماس، وفتح المستشفيات الإيرانية، والسماح لطهران بالاستثمار في اليمن وإنشاء مصنع سلاح، وتسلم محافظة حجة وميناء ميدي للحوثيين كميناء خاص بهم، وعدم الحديث عن سلاح الحوثي، ومنحهم خمس إيرادات الدولة، وتمكينهم من النيابة العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وجهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي.
وها هو علي سلمان يمتدح هذا الاتفاق اليمني الحوثي بقوله في خطبة الجمعة 12 سبتمبر 2014 «أسقطت الثورة علي صالح وأوجدت نظاماً هجيناً بتركيبة من النظام السابق، وكان هناك حوار وطني أفضى لمجموعة من القرارات، وبالأمس هناك عنوان جميل وهو بوادر اتفاق ونحن من هذا المسجد وبيوم الجمعة نسأل الله أن يتوافق اليمنيون وأن يسعوا إلى تطبيق اتفاقيات الحوار الوطني وأن يستكملوا ثورتهم بسلمية وإيجابية لبناء الوطن»، وهنا نقف عند عبارة «بعد تطبيق اتفاقيات الحوار اليمني بأن يسعوا إلى استكمال لثورتهم بسلمية»، أي أنها النقطة التي تلتقي فيها الوفاق بالحوثيون وهي استكمال الثورة بعد تنفيذ الاتفاق، على الرغم من أن الرئيس اليمني قدم تنازلاً عن كل مؤسسات الدولة بما فيها رئاسة الحكومة، كذلك هي الوفاق التي سوف تستكمل على حد زعمها ثورتها حتى بعد تنفيذ جميع مطالبها، إنهم يسيرون خطوة بخطوة، الوفاق تتابع الحوثيين وترى النتائج إيجابية ومحفزة، قد يمكنهم تحقيق مثلها في البحرين، فالدولة أيضاً هنا نفذت الكثير، وها هو اليوم يتطرق بيان ديوان ولي العهد إلى تعديل الدوائر الانتخابية وقد يكون هناك شيء قادم أكبر قد يكشف قبل أيام من موعد الانتخابات. إذاً بالتأكيد هذه الشخصيات التي اجتمعت بسمو ولي العهد لا يمثلون إلا أنفسهم، لأن هذه الشخصيات ليس لها أطماع في الحكم، وليس لها صلة بحزب الله وإيران ولا الحوثيين، فلذلك كما قلنا إنهم لم يقفوا عند تعديل الدوائر الانتخابية، أو حل مشكلة عطالة، بل هم يريدون الدولة أن تقدم لهم التنازل تلو التنازل إلى فتح مكتب لحزب الله والسماح لإيران بإنشاء مصانع ومستشفيات ونوادٍ، وتمكينهم من المؤسسات الأمنية والعسكرية حتى لا يبقى شيء للدولة.