ما يحصل في هذا الشارع هو «لعب بالعقول» ومحاولة استعباد الإرادة، فمن يدفع الضريبة اليوم ليسوا قيادات المعارضة الانقلابية، بل على العكس، يدفعها من صدقهم
حسبما نشر من أخبار، فإن العاصمة الأمريكية واشنطن شهدت لقاء بين مساعد وزير الخارجية الأمريكي توماس مالينوسكي الذي اعتبرته مملكة البحرين قبل فترة شخصاً غير مرغوب فيه، وبين الوفاقي المهاجر إلى أمريكا مطر مطر.
هذه اللقاءات عادية وتقام بصورة دورية حتى داخل البحرين بين الوفاق وعناصر البعثة الدبلوماسية هنا، وبالنسبة لمطر فهو كما معروف صناعة أمريكية من خلال برامج الدعم والتأهيل التي تقدمها الخارجية الأمريكية، بالتالي وجوده هناك لديهم أمر لا يحتاج لتفسير.
اللقاء بحد ذاته لا يهم، بقدر ما تكشف مضامينه، حيث أعلن مطر بصريح العبارة أن الوفاق ترحب بالمشاركة في الانتخابات النيابية وقد «بدأت الاستعداد» لخوضها! في مقابل أن مالينوسكي وعده بدعم مطالب الوفاق شريطة المشاركة في الانتخابات القادمة.
هنا يمكنكم بيان التناقض في كلام الوفاق وتصريحاتها بشأن الانتخابات، وهو تناقض «مقصود» وليست زلات لسان، إذ الخطاب في الخارج يختلف تماماً عن خطاب الداخل. الوفاق حينما تخاطب الغرب تتكلم بطريقة مختلفة، هي تحاول كسب ودهم بالتركيز على الأمور التي تهمهم والتي يعتبرونها -أي الغرب- ثوابت لديهم تدخل في إطار الحقوق والحريات، كذلك حينما تتحدث في الداخل مع أتباعها ومناصريها فهي تتحدث بلغتهم وبحسب ما يريدون سماعه، بالتالي لا يجرؤ علي سلمان أمين عام الوفاق أن يقف وسط جماعته ليقول بأن جمعيته «وأذيالها طبعاً» سيشاركون في الانتخابات، لكن للغرب وعبر عناصره في الخارج يمكنه حتى «القسم بأغلظ الأيمان» أنهم سيشاركون في الانتخابات وسيدينون العنف وسيتعاملون مع النظام وبقية المكونات بما يحقق التوازن وإعادة الاستقرار للبلد! طبعاً «البلبلة» تحصل حينما تتسرب معلومات بخصوص اللقاءات الخارجية وما يقال للغرب، الفوضى تطال الوفاق لا ممن يقفون منها على الضفة الأخرى بل من قبل من مازالوا يصدقون بأن الوفاق ستعطيهم الجنة التي وعدتهم بها.
مطر مطر كان أحد نواب الوفاق الذين استقالوا خلال فترة الدوار كخطوة أولى لاختطاف مقدمة ما أسموه حركة «إسقاط النظام»، لكنه أيضاً من ضمن نواب وفاقيين كانوا يتصلون بنواب في البرلمان يطلبون منهم «التريث» في عملية البت بالاستقالات.
من مازال يصدق الوفاق عليه أن يراجع نفسه، فهذه الجمعية لديها خطاب متقلب ولديها مواقف متلونة، وما يحكم كل ذلك مصلحتها ولا شيء آخر.
فقط لو أعلن جمهور الوفاق ومن مازال يصدقهم بأنه يتعهد بعدم انتقاد الوفاق أو توجيه كلام لاذع لها إن قررت المشاركة في الانتخابات أو حاولت تعديل الأمور مع النظام ومكونات الشعب، فقط لو قالوا للوفاق بأنهم «آمنون» ولن يطالهم شيء، نقسم بأنكم ستجدون الوفاق تعلن فوراً مشاركتها في الانتخابات دون قيد أو شرط.
ما يحصل في هذا الشارع هو «لعب بالعقول» ومحاولة استعباد الإرادة، فمن يدفع الضريبة اليوم ليسوا قيادات المعارضة الانقلابية، بل على العكس، يدفعها من صدقهم وظن بأنهم يجاهدون من أجله ومن أجل تحسين وضعه المعيشي ومن أجل العدالة والمساواة وكل مطلب كريم، حتى الدولة حينما تحاول أن تخدم الناس وتصلح الأخطاء، يركض علي سلمان ومن معه لينثروا سم التشكيك ويحرضون ويدفعون الناس لمعاداة النظام أكثر، في حين أنهم أول من سيركضون باتجاه النظام لو قيل لهم بأن بعض ما تطلبونه -ولو كان فتاتاً- سيتحقق.
الآن هل سينفي علي سلمان كلام مطر مطر، أم سيقول «فبركة»، وسيعيد بعدها نفس الإسطوانة المشروخة بأن الوفاق لن تشارك في الانتخابات؟!
كلها أيام وتتضح الأمور، وشخصياً أريد للوفاق -ولمرة واحدة- أن تثبت بأن أفعالها على حجم أقوالها.
بتقاطعون قاطعوا، بتشاركون امتلكوا الجرأة وقولها سنشارك وتعاملوا بعدها بشجاعة مع سخط شارعكم الذي غررتم به، أما أسلوب «نبي وما نبي»، فهو أسلوب من هوايته استغلال الناس بالكذب لأجل مصالحه الخاصة.