لمحة من الديمقراطية التي يتبناها علي سلمان يوجزها في بيانه «من يشارك في الانتخابات سيكون منسلخاً من الشعب ومنبوذاً اجتماعياً»، هذا الشعب الذي طالما طالب علي سلمان بأن يكون مصدر السلطات! فبالله عليكم كيف تكون هذه النوعية من الناس مصدراً صالحاً للسلطات وهو مصدر مغلوب على أمره مرهون بفتوى مرجعيته الدينية قد تسلخه وتنبذه أو تقوم بإعدامه عندما يحاول استخدام أقل حدود حريته، هذه الحرية التي يتمتع بها جميع شعوب العالم، إلا تلك الفئات التي تعيش خلف قضبان ولاية الفقيه، التي يسلب الشخص منهم كيانه ووجوده حتى في أبسط أمور حياته، فهو شخص لا يجب أن يكون أكثر من خاتم وخادم.
نأتي هنا إلى مصطلح «الشعب مصدر السلطات»، الذي تفسره أقوال المراجع العليا الشيعية ومنها ما جاء في وصية «الخميني»، في قوله «الانتخابات هي تكليف إلهي» وهذا نص منها: «ووصيتي إلى أبناء الشعب الشريف أن يكونوا حاضرين في جميع الانتخابات، سواء انتخاب رئيس الجمهورية أو ممثلي مجلس الشورى الإسلامي أو انتخاب الخبراء لتعيين شورى القيادة»، فهذا هو الشعب المقصود بمصدر السلطات، أي شعب لا يخالف التكليفات الإلهية والفتاوى الشرعية لمرجعيته، أما الانتخابات في البحرين بالطبع بالنسبة لعلي سلمان فهي خارجة عن «التكليف الإلهي» الذي أوصى به مرجعه، لأن هذا التكليف فقط خاص كما ذكر الخميني في نفس وصيته بالحكومة الإسلامية التي صنفها أيضاً أنها ظاهرة إلهية في قوله «الإسلام والحكومة الإسلامية ظاهرة إلهية يؤمن العمل بها سعادة أبنائها في الدنيا والآخرة».
ونعود إلى عقوبة «النبذ الاجتماعي» التي حددها علي سلمان لمن يشارك في الانتخابات ومقارنتها بـ»البغي» وهم البغاة أي قوم لهم شوكة يخرجون على ولي الأمر بتأويل سائغ يريدون خلعه أو مخالفته أو شق عصا الطاعة له، وهم من يطلق عليهم «البغاة» والذين يكون الحكم الشرعي فيهم أنه إن لم يرجعوا عن بغيهم بعد وعظهم وتخويفهم بالقتال وأصروا، تم قتالهم، وعلى رعيته معونته حتى يندفع شرهم وتطفأ فتنتهم، وبذلك تقع عقوبة علي سلمان تحت فصل «البغي»، وهو دفع الناس إلى شق عصا الطاعة على ولي أمرهم، وأنه اليوم بات على الدولة النظر في هذا الترهيب والدعوة إلى محاربة الدولة كنوع من أشد أنواع البغي، خاصة عندما يطبق علي سلمان العقوبة على أتباعه عندما يشقون عصا طاعته، فإن الدولة إذاً هي أول من تطبق العقوبة لأنها مسؤولة عن أمن الشعب والبلاد كما هي مسؤولة عن تلك الفئة المهددة بالإرهاب، والتي يجب على الدولة أيضاً الأخذ في الاعتبار أن من يشارك في الانتخابات له الأولوية في جميع الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها، لأن الانتخابات تفضح من يشق عصا طاعة ولي الأمر ويتبع المعارضة المعادية للدولة، وهنا يجب أن يطبق عليه النبذ من خدمات الدولة، لأن من يشق عصا الطاعة هو نوع من أشد أنواع البغي، وليس هناك أي دولة في العالم تكافأ البغاة وتساويهم مع المصلحين، وهو العمل بقوله سبحانه وتعالى «أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون».
ولا بد هنا أن نذكر هنا بعض من الأمثلة في العقوبات التي تفرضها الحكومة الإيرانية في من يشق عصا طاعتها، ومثال عليها الانتخابات الإيرانية وتهديد وزير الداخلية الإيراني مصطفى محمد نجار في يناير 2010 المعارضين المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية بالإعدام باعتبارهم «محاربين لله والرسول»، وقال «إن هذا القرار اتخذ بعد احتجاجات يوم عاشوراء، وسينطبق عليهم حكم المحاربة والعمل على تقويض الأمن القومي».
إذاً ديمقراطية علي سلمان هي ديمقراطية مبنية على وصية الخميني في «التكليف الإلهي»، وأن تطبيق العقوبة هي نتيجة حتمية لمن يخالفها، أما عدم المشاركة في الانتخابات عندما يقرر علي سلمان أن تخوض قائمته الانتخابات فهنا يأتي دور «التكليف الإلهي» بالالتزام بالقائمة الإيمانية سواء كانت انتخابات برلمانية أو عمالية أو طلابية.
نتمنى من الدولة محاسبة علي سلمان على ترويعه وإرهابه للمواطنين ومنعهم من المشاركة في الانتخابات، كما نطالب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية النظر في تهديد علي سلمان لفئة من المواطنين وإرهابهم ومنعهم من حقهم في المشاركة في الانتخابات وهو من الحقوق الأساسية التي أقرها الدستور البحريني كما أقرتها المواثيق والعهود الدولية.