هذا كل ما تفعله هذه الجمعية مع أي قول أو فعل يصدر من الحكومة أو من أي جهة لا توافق على ما تقول أو تفعل، فكل ما لا يتفق مع توجهاتها وإن كان صحيحاً بدرجة مائة في المائة ترفضه وتعتبر الآخر خارج العصر. هنا مثال، النيابة تحتجز شخصاً لأسباب واضحة مثل التجاوز على الآخرين والتعرض إلى شخوصهم ونكش خصوصياتهم فتسارع الوفاق إلى إصدار بيان تتهم فيه الحكومة بمحاولة تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، فمادام الشخص الذي تعرض إلى ما تعرض إليه ليس وفاقياً أو من المحسوبين على الوفاق فالضربة فيه حلال، أما لو كان من لجأ إلى النيابة العامة يطلب التحقيق في تعرضه لما قد يظن أنه سب وقذف من أعضائها أو من أعضاء توابعها أو ممن هي راضية عنهم ولم تتخذ النيابة قراراً بحبس المتهم لأي سبب من الأسباب لقرأت القصة قراءة مختلفة ولوجهت للنيابة العامة وللحكومة ما طاب لها ولذ من اتهامات ولوصفت كل من لا يتفق معها في رأيها ويساندها باتهامات أبسطها أنه بعيد عن الحق وموال وبلطجي ومنافق وليس عنده ذمة وسيدخل النار.
ليس مهماً الشخص الذي تم احتجازه أو محاكمته وحبسه أو سجنه أو تغريمه وليس مهماً الخطأ الذي ارتكبه، المهم هو أنه يمكن الاستفادة منه في إصدار بيان ضد الحكومة وتوجيه الاتهامات لها بالتضييق على الحريات وتكميم الأفواه واتخاذ موقف من الديمقراطية والإساءة إلى حقوق الإنسان وعدم الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية، والاستفادة من كل ذلك في إنتاج خبر تستفيد منه الفضائيات السوسة والمواقع الإلكترونية التابعة لها أو المحسوبة عليها التي لا تتردد عن بث ونشر كل ما يصلها من الوفاق حتى وهي ترى فداحة الخطأ الذي ترتكبه الجمعية وتلمس الظلم الذي تمارسه في حق نفسها بتبنيها لخطأ من أخطأ واعتباره صاحب حق.
أنت منصور من الوفاق ما دام أنها يمكن أن تستفيد منك في الإساءة إلى الحكومة، ليس مهماً لديها إن كنت مخطئاً أو متجاوزاً على الأشخاص أو العادات والتقاليد أو الأعراف أو القانون، المهم هو أنك تصلح لأن تكون «مشروعاً» تستفيد منه لتقول ولو كلمتين سيئتين عن الحكومة وتبرز من خلال ذلك بالقول إنها تدافع عن الحريات وتحارب كل من يمنعها ويكمم الأفواه.
في هذا السياق يأتي رفض الوفاق لما تضمنته كلمة معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في المؤتمر الدولي من أجل الأمن والسلام في العراق الذي عقد أخيراً في العاصمة الفرنسية باريس وأشار فيها إلى «أهمية القضاء على جميع المجموعات الإرهابية في المنطقة التي تشكل خطراً لا يقل عن خطر ما يسمى بداعش كحزب الله الإرهابي وغيرها من منظمات إرهابية بالمنطقة» ، فما دامت كلمة «حزب الله» قد وردت في العبارة فهذا يعني أن الوزير تجاوز ومارس ظلماً وارتكب خطيئة خصوصاً عندما قال «ضرورة التصدي لها بكل حزم والقضاء عليها وإيجاد السبل الكفيلة بضمان عودة الأمن والاستقرار في المنطقة» ، فهذه الاتهامات صحيحة ومقبولة في حالة عدم شمولها حزب الله، لكن ورود اسم هذا الحزب في الكلمة بالشكل الذي لا يطرب الوفاق فإن رفضها ورفض قائلها هو موقفها. يعني لو قال وزير الخارجية كل شيء ولم يعتبر حزب الله منظمة إرهابية ولم يدع إلى محاربتها أسوة بغيرها من المنظمات التي تمارس العنف والإرهاب لكانت كلمته «خوش» كلمة ولكان الوزير «خوش» وزير.
رسالة الوفاق إلى الآخرين ملخصها أنها معهم قلباً وقالباً ما دام أنه يمكن أن تستفيد من أقوالهم أو أفعالهم - مهما كانت درجة الخطأ فيها - للإساءة إلى الحكومة.