يظن كثير من الناس خصوصاً النساء أن أسوأ ما في السمنة هو الشكل الذي ينتج عنها، وفي الحقيقة أن تغير الشكل الناتج عن السمنة هو أهون ما فيها، ولعله ناقوس الخطر الذي ينبهنا إلى المخاطر الأخرى، والتي تظهر بوضوح في زيادة نسبة الوفيات إلى 2.5 ضعف في حالة السمنة المتوسطة، أي 25 من المصابين بالسمنة المتوسطة، مقابل 10 من غير المصابين في نفس الظروف والأعمار.
وبالتالي فإن متوسط عمر أصحاب السمنة أقل بكثير من متوسط عمر غير المصابين.
وتقدر نسبة المخزون الطبيعي من الدهون عند الرجال بنحو 20% من وزن الجسم، بينما تقدر عند النساء بنحو 30% من وزنهن، فإذا زادت نسبة الدهون المخزونة عن هذه النسب أصيب الإنسان بما يعرف بالسمنة، وهي زيادة مخزون الجسم من الدهون عن المعدلات الطبيعية، وباختصار فإن السمنة هي زيادة في الوزن بشكل غير طبيعي.
وتنقسم السمنة إلى نوعين، النوع الأول يتمثل في زيادة في حجم الخلايا الدهنية التي تختزن الجزئيات الدهنية، أما النوع الثاني فهو زيادة في حجم وعدد الخلايا الدهنية، حيث يزداد العدد في حالة امتلاء الخلايا الموجودة بالجزيئات الدهنية فيضطر الجسم إلى إيجاد خلايا جديدة كي تستوعب الجزيئات الإضافية وهو الأصعب في العلاج.
ولخصت بعض الدراسات أسباب السمنة في 3 أسباب رئيسة كلها معاصرة، وهي السيارة والتلفزيون والعادات الغذائية، حيث ينتج عن هذا المثلث قلة الحركة وطول فترات الجلوس، وتناول وجبات كاملة بين الوجبات، وذلك أمام شاشات التلفزيون.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن السمنة من أبرز أسباب الإصابة بأمراض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والشرايين خاصة الذبحة الصدرية والجلطة، إضافة إلى أمراض الكبد، حيث إن الدهون ترهق الكبد وتقلل من مقاومته للأمراض، وهي أيضاً تسبب أمراض المفاصل والروماتيزم، وكذلك تسبب اضطرابات الهرمونات والدورة، التي تصل أحياناً إلى العقم عند النساء.
ويعاني مريض السمنة من مشاكل التنفس والشخير عند النوم، كما تسبب السمنة أمراضاً جلدية مختلفة نتيجة زيادة نسبة الدهون في الجلد. ولعل أخطر من كل ما سبق أن السمنة أحد أسباب الإصابة بأمراض السرطان، وهذا غيض من فيض، فالدراسات عن أخطار السمنة مستمرة، ولن تنتهي، وأصبحت من الواقع المعترف به الآن إنها أخطر أمراض العصر.
ولاشك في أن السمنة من الأمراض التي تظهر فيها بوضوح الاختلافات الفردية سواء في الإصابة أو في سرعة العلاج، ويؤثر عليها عوامل كثيرة جداً منها الطبيعة الفردية، مثل الحركة والنشاط والتفكير وخلافه، وقابلية الجسم لتخزين الدهون حيث تختلف من شخص إلى آخر، كما إنه كلما زاد العمر كلما قل المفقود من الطاقة عموماً، إضافة إلى الحالة النفسية حيث يؤثر الحزن أو الفرح أو الاكتئاب في كم ونوعية الأكل، كما إن الشهية للطعام تختلف بين الناس ولا تعتمد على العزيمة فقط.
ويتلخص علاج السمنة في تحقيق معادلة التوازن السالب للطاقة فلابد من الوصول إلى التوازن الذي يجعل مجموع الطاقة الداخلة إلى الجسم أقل من مجموع الطاقة التي يفقدها الجسم، ففي هذه الحالة فقط يبدأ تحويل المخزون الدهني إلى طاقة يستهلكها الجسم في نشاطاته الداخلية والخارجية.
والطريقة الأولى في علاج السمنة تكمن في تقليل الطاقة المكتسبة عن طريق تناول الأدوية الكيميائية التي تعمل مركزياً وهي أدوية تثبط مركز الإحساس بالجوع في المخ، لكن ضررها أكبر من نفعها، وهناك أيضاً طريقة الصوم بقصد التخسيس، وأفضل الصوم هو صيام يوم أو يومين في الأسبوع مع مراعاة التوازن في باقي الأيام. ويعد منع امتصاص الدهون شكل آخر من أشكال تقليل الطاقة الداخلة إلى الجسم، وهناك أيضاً طريقة ملء المعدة بالألياف أو الشبع المصطنع، وهذا النوع الأخير ينصح به في المراجع الطبية، وهو أن يأكل الإنسان مواد عديمة أو قليلة السعرات الحرارية وغالباً ما تكون أليافاً نباتية تملأ جزءاً من المعدة وتعطي إحساساً بالشبع.
أما الطريقة الثانية في علاج السمنة فتتمثل في زيادة الطاقة المستهلكة، وأول عناصرها ممارسة الرياضة، وأفضل أنواعها، المشي السريع، والسباحة، وركوب الدراجات في الهواء الطلق، والجري الخفيف لمن يستطيع. أما ثاني عناصر زيادة الطاقة المستهلكة فيتمثل في العمليات الجراحية وهي بجميع أشكالها لابد أن تتم تحت إشراف طبي شامل، وثالث تلك العناصر حرق الدهون الموجودة في الجسم عن طريق بعض النباتات.