أكد شعب البحرين رفضه الواسع للتوافق مع مطالب جمعية الوفاق والجمعيات السياسية الأخرى التابعة لها، وبالتالي لا تحظى مثل هذه المطالب بأي توافق شعبي، وكان مصيرها الفشل.
الوفاق لم تدرك ذلك؛ وقررت مقاطعة الانتخابات البرلمانية والبلدية، وأخطأت في تقدير المواقف والمصالح الدولية، ففوجئت الجمعية بحجم التأييد والدعم والإشادة الدولية للاستحقاق الرابع في تاريخ البحرين، وهو دعم وتأييد يعتبر الأكبر منذ بداية التحول الديمقراطي مطلع الألفية الجديدة.
حاولت الوفاق إقناع الجماهير بأن موقفها هو مقاطعة الانتخابات المقبلة، فكانت المفاجأة الجديدة أن الدوائر التي كانت «تسيطر» عليها الوفاق هي الدوائر التي شهدت أكبر نسبة ترشح على الإطلاق من خلال ترشح مترشحين شيعة كانت الوفاق تعتقد أنها تسيطر على هذه المناطق وعلى المواطنين فيها.
لجأت الوفاق إلى أساليبها التقليدية في ممارسة الإرهاب الفكري على المترشحين من خلال التخوين والإساءة والتجريح، وهو ما حفّز جماعات إرهابية تضم أطفالاً وناشئة مغرر بهم إلى القيام بأعمال إرهابية استهدفت بعض المترشحين الشيعة، وممتلكاتهم الشخصية من منازل وسيارات. فكانت المفاجأة الأخرى أن المترشحين الذين تم استهدافهم بالإرهاب هم الأكثر إصراراً على مواصلة الترشح. فهذا المترشح يقول إن العمل الإرهابي يزيده إصراراً على مواصلة ترشحه وصولاً إلى قبة البرلمان. وهذا المترشح المستهدف يؤكد أنه حريص أكثر على المشاركة الانتخابية بعد تعرضه للاعتداء الإرهابي.
وللتذكير فإن من شارك في الانتخابات التشريعية خلال العام 2002 من المترشحين الشيعة تعرضوا لاعتداءات إرهابية من قبل الوفاق وغيرها، وبعضهم اضطر للانسحاب خوفاً على حياته وعائلته وممتلكاته. والآن تتكرر الاعتداءات الإرهابية نفسها ضد المترشحين الشيعة، ولكنهم لا ينسحبون ليس من أجل مكتسبات مادية أو وعود، بل من أجل قناعات شخصية ومواقف وطنية ستحفظ لهم.
بالإضافة إلى ذلك انخرطت مجموعة وفاقية كبيرة بالترشح في الانتخابات النيابية المقبلة، ولم تتحدث الجمعية عنهم حتى الآن، في الوقت الذي رفضت فيه ترشح (بو نبيل)، وهددته بإسقاط العضوية من الجمعية، ولم تقدم التهديد نفسه لأكثر من 15 مترشحاً وفاقياً منتشرين حالياً في مختلف الدوائر وهم أعضاء في الجمعية!
ماذا يحدث للوفاق؟
ببساطة الوفاق تفقد السيطرة والنفوذ على الجماهير بعد أن اهتزت مصداقيتها أمامهم تدريجياً طوال سنوات عدة، وباتت جماهيرها على قناعة بأن مقدار الخسارة من تبعية الوفاق أكبر بكثير بعد أن تحولت مطالبها إلى مجرد أوهام، وأن الجمعية ليست جادة في مطالبها لأنها فرّطت في كافة الفرص التي حصلت عليها منذ سنوات.
وكما حدثت مفاجآت الترشح في الكثير من الدوائر الانتخابية التي يقطن بها الشيعة، فإن هناك اتجاهاً واسعاً كشفته استطلاعات الرأي بأن الناخبين في هذه الدوائر سيحرصون على المشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل رغم اختلاف موقف الوفاق نفسها.
وبالتالي، فإن فكرة المقاطعة انتهت، وليست واقعية نهائياً، لأن هناك الكثير من المترشحين الشيعة الذين تعتقد الوفاق أنهم يمثلون جمهورها قرروا المشاركة بالترشح، بل وهناك الكثير من أعضاء الوفاق من استكملوا إجراءات ترشحهم وهم اليوم في قائمة المترشحين، والناخبون في حالة استعداد للتصويت. هل هناك مقاطعة بعد ذلك؟