لم تكن علاقتي مع أبي كعلاقتي الآن مع بناتي وأحفادي؛ فهو لم يستطع أن يجلب لي هدية في طفولتي المبكرة، ربما جلبها لكني نسيت، كانت علاقتي كعلاقة القطرة بالمحيط، كعلاقة الملح بالبحر، معه تعرفت على البحر، معه دفعنا «الشوعي» إلى سطح البحر، معه جدفت في القارب، معه رفعت الشراع إلى الأعلى ومعه سهرت الليل نخلص الأسماك من الشبكة (الغزل).
له بكّرت (القدو)، ومعه حاولنا طرد الحيتان التي حاصرتنا ونحن في البحر، كانت تأكل الأسماك من الشبك، ولم يكن أمامنا إلا الضرب على سطح القارب علها تخشى الأصوات، ولكن الحيتان أكلت وجبتها بعد أن أنكهتنا، لنبقى حالمين بصيد آخر بعد أن ابتعدت عن طريقنا. بعد تعبه وجلوسه في البيت لم أجدف في قارب، ونادراً ما أذهب في رحلات بحرية.
قبل فترة قرأت مقالة جميلة عن الأب، وهي عبارة عن سؤال تم طرحه على طلاب الماجستير، وكانت الإجابات جميلة، ومنها إجابات عادية، ولكن أفضل ما ذكره المحاضر هو هذه الإجابة التي وردته:
الأب..
تلبس حذاءه فتتعثر من كبر حذائه لصغر قدمك، تلبس نظارته تشعر بالعظمة، تطلبه مفتاح سيارته وتحلم أنك هو وأنك تقودها.
يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت دوامه ويرد ويتقبلك بكل صدر رحب، ولا تعلم ربما مديره وبخه أو زميله ضايقه أو مصاريفكم أثقلته
وتطلبه بكل هدوء: «بابا جيب معاك عصير فراولة».
ويرد: «من عيوني، بس خلك رجال ولا تعذب أمك!».
يأتي البيت وقد أرهق من الدوام والحر والزحمة ونسي طلبك، فتقول: «بابا وين العصير؟».
فيتعنى ويخرج ليحضر لك طلبك التافه بكل سعادة متناسياً إرهاقه!.
اليوم؛ لا تلبس حذاءه بسبب ذوقه القديم، تحتقر ملابسه، أغراضه وسيارته -التي كنت تباهي بها أصحابك- لأنها لا تروق لك، وكلامه لا يلائمك! وحركاته تشعرك بالاشمئزاز! ويصيبك الإحراج منه لو قابل أصحابك!
تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك، وقد لا ترد عليه إذا تكرر الاتصال والقلق!.
تعود للبيت متأخراً فيوبخك ليشعرك بالمسؤولية، ويستمر في مشوار تربيتك لأنه راع، وكل راع مسؤول عن رعيته، فترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك، فيسكت ليس خوفاً منك بل صدمة منك!
بالأمس في شبابه يرفعك على كتفه، واليوم أنت أطول منه بكثير، بالأمس تتلعثم في الكلام وتخطيء في الأحرف واليوم لا يسكتك أحد، تناسيت.. مهما ضايقك فهو وااااالدك.. كما تحملك في طفولتك، وسفهك، وجهلك؛ فتحمّله في مرضه وشيخوخته، أحسن إليه.. فغيرك يتمنى رؤيته من جديد.
سألوني أي رجل تحب؟ فـقلت: من انتظرني تسعه أشهر، واستقبلني بفرحته، ورباني على حساب صحته، هو الذي سيبقى أعظم حب بقلبي للأبد.
عذراً لجميع الرجال فلا أحد يشبه الأب.
إلهي.. من مات والده فاغفر له وارحمه وأسكنه فسيح جناتك آمين، ومن كان والده حياً؛ فأطل عمره على طاعتك، وفرج همه، وارزقه من حيث لا يحتسب، وأمطره برحمة منك.
وكثيراً ما أردد أنني دخلت البحر قبل دخول المدرسة، وتعرفت على الحيتان قبل أن أتعرف على الأطفال في عمري، ولعبت مع سمك القرش قبل أن ألعب في الفريج مع الآخرين في عمري.
أبي من خلال صيد الحر علمني صيد الحروف، علمني التعامل مع الأمواج، علمني كيف التعامل مع الحيتان، وعلمني كيف أتحدى الظروف الصعبة التي أمر بها.
له الرحمة في السموات وبإذن الله يسكن فسيح الجنات.
له بكّرت (القدو)، ومعه حاولنا طرد الحيتان التي حاصرتنا ونحن في البحر، كانت تأكل الأسماك من الشبك، ولم يكن أمامنا إلا الضرب على سطح القارب علها تخشى الأصوات، ولكن الحيتان أكلت وجبتها بعد أن أنكهتنا، لنبقى حالمين بصيد آخر بعد أن ابتعدت عن طريقنا. بعد تعبه وجلوسه في البيت لم أجدف في قارب، ونادراً ما أذهب في رحلات بحرية.
قبل فترة قرأت مقالة جميلة عن الأب، وهي عبارة عن سؤال تم طرحه على طلاب الماجستير، وكانت الإجابات جميلة، ومنها إجابات عادية، ولكن أفضل ما ذكره المحاضر هو هذه الإجابة التي وردته:
الأب..
تلبس حذاءه فتتعثر من كبر حذائه لصغر قدمك، تلبس نظارته تشعر بالعظمة، تطلبه مفتاح سيارته وتحلم أنك هو وأنك تقودها.
يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت دوامه ويرد ويتقبلك بكل صدر رحب، ولا تعلم ربما مديره وبخه أو زميله ضايقه أو مصاريفكم أثقلته
وتطلبه بكل هدوء: «بابا جيب معاك عصير فراولة».
ويرد: «من عيوني، بس خلك رجال ولا تعذب أمك!».
يأتي البيت وقد أرهق من الدوام والحر والزحمة ونسي طلبك، فتقول: «بابا وين العصير؟».
فيتعنى ويخرج ليحضر لك طلبك التافه بكل سعادة متناسياً إرهاقه!.
اليوم؛ لا تلبس حذاءه بسبب ذوقه القديم، تحتقر ملابسه، أغراضه وسيارته -التي كنت تباهي بها أصحابك- لأنها لا تروق لك، وكلامه لا يلائمك! وحركاته تشعرك بالاشمئزاز! ويصيبك الإحراج منه لو قابل أصحابك!
تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك، وقد لا ترد عليه إذا تكرر الاتصال والقلق!.
تعود للبيت متأخراً فيوبخك ليشعرك بالمسؤولية، ويستمر في مشوار تربيتك لأنه راع، وكل راع مسؤول عن رعيته، فترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك، فيسكت ليس خوفاً منك بل صدمة منك!
بالأمس في شبابه يرفعك على كتفه، واليوم أنت أطول منه بكثير، بالأمس تتلعثم في الكلام وتخطيء في الأحرف واليوم لا يسكتك أحد، تناسيت.. مهما ضايقك فهو وااااالدك.. كما تحملك في طفولتك، وسفهك، وجهلك؛ فتحمّله في مرضه وشيخوخته، أحسن إليه.. فغيرك يتمنى رؤيته من جديد.
سألوني أي رجل تحب؟ فـقلت: من انتظرني تسعه أشهر، واستقبلني بفرحته، ورباني على حساب صحته، هو الذي سيبقى أعظم حب بقلبي للأبد.
عذراً لجميع الرجال فلا أحد يشبه الأب.
إلهي.. من مات والده فاغفر له وارحمه وأسكنه فسيح جناتك آمين، ومن كان والده حياً؛ فأطل عمره على طاعتك، وفرج همه، وارزقه من حيث لا يحتسب، وأمطره برحمة منك.
وكثيراً ما أردد أنني دخلت البحر قبل دخول المدرسة، وتعرفت على الحيتان قبل أن أتعرف على الأطفال في عمري، ولعبت مع سمك القرش قبل أن ألعب في الفريج مع الآخرين في عمري.
أبي من خلال صيد الحر علمني صيد الحروف، علمني التعامل مع الأمواج، علمني كيف التعامل مع الحيتان، وعلمني كيف أتحدى الظروف الصعبة التي أمر بها.
له الرحمة في السموات وبإذن الله يسكن فسيح الجنات.