كان العاقلون في أمتنا يتوقعون أن نحتـرق جميعاً بالنيران التي يتطاير شررها فوق رؤوسنا ونحن صامتون بين مبطن للرضا عاجز عن الفعل. فالنيران العدوة قد أذقناها الكثير من وقودنا الحارق، والنيران الصديقة لم تصبنا خطأً؛ بل انفجرت فينا بسبب أخطائنـا التي بها زاد استعار الحــرب الطائفية في بلداننا. يقولون إن أول الحرب الكلام.. وما فعلته الفضائيات الطائفية، غفيرة العدد، كافٍ لإشعال حرب عالمية ثالثة ورابعة. فليس عجيباً أن ينتهي بث موادها السامة بجريمة مروعة مثل جريمة القتل التي وقعت إبان أيام عاشوراء في إحدى الحسينيات في منطقة الإحساء بالمملكة العربية السعودية.
يقول نبينا الكريم لعمته صفية بنت عبدالمطلب: «يا صفيـة عمـــة محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً». ويقول بعض من تولى آل بيت النبي: «إن لآل بيت رسول الله العصمة والشفاعة والحكم والسيادة على أمة جدهم. ومن أنكر ولايتهم فقد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وهدم ركناً من أركان الشهادة لا يقبل إسلامه إلا بها. وهو بذلك يناصبهم العداء، ومن ناصب آل بيت رسول الله العداء فقد وجب قتاله واستحل دمه وماله ونساؤه. وإن الأمة الإسلامية في حرب و(تقية) ضد هؤلاء النواصب حتى يخرج المهدي ويكسر شوكتهم ويرفع راية علي وأبنائه».
هذا ما يرد نصاً صريحاً مجلجلاً في قنوات الفتن الفضائية، وهذا ما صمتت، ومازالت تصمت، عليه الأمة الإسلامية بعلمائها ومثقفيها وقادتهـــا. إن الأمــة يُكفر بعضهـــا بعضاً ويستبيح بعضها دم وعرض بعضها. ولو تمكن أحد الفريقين من الآخر لأوقع فيه المجازر ولسبى نساءه وأهلك أطفاله وبدد ماله. وهذا بالفعل ما أقدمت عليه الميليشيا الشيعية في العراق حين ثقبت أجساد سنة العراق بالمثقاب الكهربائي وأبادت مئات السنة في طول العراق وعرضهـا، وطهرت محافظة البصــرة من أي مقيم سني. وهذا بالفعل ما أقدمت عليه الميليشيا الداعشية في سوريا حين دعت إلى جهاد الروافض في سوريا وتحرير دمشق الأموية من النصيرية، ثم قطعت آلاف الرؤوس التي انحرفت عن تحقيق شروط لا إله إلا الله.
الخطوة المباشرة لجريمة الإحساء التــي اتخذتهــا المملكــة العربيــة السعودية بإغلاق مكاتب قناة وصال ومنع بث أي مادة إعلامية للقناة من الأراضي السعودية هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن جاءت متأخرة. فأمن السعودية قد أصبح على المحك؛ وقنوات الفتنة التي دعت مــراراً للجهــاد الوهمــي مـع جيوش الضلال والمرتزقة أنتجت جيشاً من الشباب السعودي الذي انتشر في غير مكان يقتل ويفجر بحثاً عن الشهادة، وعاد بعض فلوله يدعون للجهاد داخل الأراضي السعودية والخليجية، وشيوخ الفتنة الذين كفروا وفسقوا وبدّعوا عموم المسلمين وبعض خاصتهم خسروا حين قتل تلامذتهم المخالفين لمنهجهم واستباحوا دماءهـــم وأموالهــــم. والخطـــوات القادمة التي تستدعي إجماعاً عربياً وإسلامياً هي إغلاق جميع القنوات الطائفية التي تتذرع بأنها إسلامية وهي تبث أخطر الأفكار وأقبح الألفاظ وتفتح فضاءها للجهلة والمتطرفين وأعداء الوحدة الإسلامية يدعون للقتل ويفتحون أبواب جهنم لمن يخالفهم المذهب والرأي والفتوى.