تصنيف الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم الفرنسي “جيروم فالكه” لمونديال البرازيل الحالي على أنه الأفضل في تاريخ البطولة، لم يكن تصنيفاً دقيقاً -على الأقل من وجهة نظري الشخصية-، أتفق مع هذا الرأي من الناحية التنظيمية والحضور الجماهيري اللافت، ولكنني أختلف معه في الجانب الفني الذي لم يرتقِ حتى الآن -بعد نهاية مباراة البرازيل و كولومبيا- إلى المستوى المأمول، بل إن بعض المنتخبات التي تأهلت إلى مراحل متقدمة من البطولة كالبرازيل والأرجنتين وألمانيا لم تقدم المستوى الفني المقنع وواجهت صعوبات جمة أمام منتخبات تقل عنها سمعة وخبرة وإنجازات!
إنني أرى أن فالكه جانبه التوفيق في هذا الوصف الذي يخالف الواقع الفني المتواضع لأغلب المباريات التي شاهدناها حتى الآن، وبالأخص تلك المباريات التي أقيمت في ساعة الظهيرة تحت أشعة الشمس الحارة ووسط درجات حرارة مرتفعة تفوق الثلاثين درجة، وهو ما عبر عنه العديد من اللاعبين الذين كشفوا عن معاناتهم من تلك الأجواء الحارة التي دفعت “الفيفا” للسماح باستراحة تبريدية “cool break”!
قائد المنتخب الألماني “فيليب لام” أكد بعد نهاية مباراة منتخب بلاده أمام المنتخب الفرنسي بأن تأثير الأجواء الحارة أثر على الأداء الفني العام للمباراة وأثر على عطاء اللاعبين، معززاً بذلك ما ذهب إليه عدد من لاعبي ومدربي المنتخبات الأخرى التي لعبت في هذا التوقيت الصعب!
الغريب في الأمر أن الذين كانوا ينتقدون إسناد مونديال 2022 إلى دولة قطر الشقيقة بحجة ارتفاع درجات الحرارة لم يحركوا ساكناً لإجبار “الفيفا” على تغيير مواعيد المباريات التي تم جدولتها في ساعة الظهيرة لأجل عيون النقل التلفزيوني، الأمر الذي يجعل تلك الانتقادات غير منطقية، بل إن مونديال 1994 الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية كان هو الآخر قد شهد أجواء حارة بلغت فيها درجة الحرارة أكثر من أربعين درجة بشهادة العديد من اللاعبين آخرهم البرازيلي “دونغا” أحد أعضاء فريق التحليل الفني بقناة بي إن سبورت!
من هنا يستوجب على “الفيفا “ إعادة النظر في جدولة مباريات البطولة في نسخها القادمة حتى لا تتكرر معاناة اللاعبين والمدربين والمعالجين لأجل عيون النقل التلفزيوني، وأن يضع “الفيفا” في اعتباره أهمية الجانب الفني للمباريات خاصة أن البطولة تقام في أشهر الصيف.
أبرز ما ميز المونديال البرازيلي من الناحية الفنية هي تلك المفاجآت التي لم تكن في الحسبان، ولعل أولها وأبرزها ذلك الخروج المبكر جداً لكل من حامل اللقب المنتخب الإسباني وبطل النسخ الأربع المنتخب الإيطالي ومهد كرة القدم إنجلترا، مقابل التألق اللافت لمنتخب كوستاريكا المغمور.. وبروز منتخبات كانت خارج دائرة الترشيحات كمنتخبات بلجيكا وتشيلي وكولمبيا والمكسيك، والجزائر التي اجتازت الدور الأول باستحقاق وشرفت الكرة العربية.
هذه المفاجآت ولدت جواً من الإثارة في بعض المباريات ولكنها لم تصل إلى درجة التميز المونديالي المنشود.
نتمنى أن تطالعنا الجولات المتبقية من البطولة -وهي الجولات الحاسمة- بمستويات فنية أفضل من تلك التي شاهدناها حتى الآن.